في الشكل العام داعش منظمة إرهابية ظهرت نتيجة خلل سيادي في بعض البلاد العربية، نجم عنه جملة من الثغرات، التي وفرت البيئة الحاضنة لقوى التطرف التي استقطبت بدورها كل شذاذ الآفاق للمنطقة، فيما استثمرتها بعض القوى لصالحها، في المقابل، حزب الله الذي كان يسرح ويمرح إلى وقت قريب تحت عنوان المقاومة، في الوقت الذي يدس فيه يده من تحت الطاولة للقيام بذات الدور الإرهابي حتى قبل أن تقوم داعش كمنظمة إرهابية، كان هذا الحزب الذي يشرب من الإناء الإيراني، يتمثل دور الممانعة والمقاومة وأحيانا العروبة، وكان هنالك للأسف من شرب هذا المقلب، وانطلت عليه هذه الخدعة، إلى ما قبل قيام الثورة السورية عام 2011م، عندما نقل الحزب سلاحه إلى الداخل السوري ليعيث تقتيلا في الأشقاء الذين احتضنوا فلوله إبان حرب تموز 2006م، يوم أن تسبب بحماقة متهورة في إعطاء الذريعة للعدو لدك لبنان، وتهشيم بناه التحتية رأسا على عقب، عندئذ تنبه بعض من كانوا يحسنون الظن فيه أنهم قد انخدعوا بحربائية أمينه العام الذي يجيد لعبة القفز على الحبال وفقا للغة المصلحة ولوغارتمات المناورة، رغم أن المملكة بالذات، وبعض الدول وهي قلة كانت قد تنبهت إلى تلك الألاعيب، والخبيئة الدنيئة التي تسعى لتقويض النظام العربي، وفتح الأبواب أمام وصاية الولي الفقيه، ونبهت إلى خطورة مسلكه ليس على محيطه الصغير في لبنان وحسب، وإنما على المنطقة بأسرها، وهويتها العربية، إلى أن حانت ساعة الحقيقة التي أدت إلى تصنيف هذا الحزب دوليا كحزب إرهابي، غير أن التعاطي معه ظل على ما هو عليه بحكم تغطيته بوجود ممثلين له داخل الحكومة اللبنانية، الأمر الذي جعله يستفيد من هذه المساحة للمضي في مشروعه الذي ارتهن لبنان أرضا وسيادة وقرارا إلى حد اختطاف قرار الدولة، ثم ليعكف على التدخل في شؤون الآخرين، قبل أن يذوب جليد الزيف عن داعش آخر، تجلت ملامحها بمبادرة الحزب قبل أشهر بنقل عناصر داعش الأصل من حدود لبنان الشرقية إلى دير الزور بحراسة الحزب وعلى ناقلاته مما يشي بتبادل المصالح، ووحدة الهدف بين تنظيمين إرهابيين، توهم الكثيرون أنهم يحاربون بعضهم على الأقل اتكاء على التباين المذهبي، قبل أن تفصح الظروف عن أنهما وجهان لعملة واحدة.