في أعقاب استقالة دولة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الوزارة اللبنانية، والتي بثها تلفزيونيا من الرياض لدى زيارته للمملكة، بعد اقتناعه بضرورة رفع الغطاء عن حزب الله وتجاوزاته على جواره في أكثر من مكان، وهو الشريك في حكومته، ولأن دولة الرئيس الحريري رجل دولة، لكل اللبنانيين، وبالتالي فهو لا يقبل على نفسه أن يكون غطاءً لتلك التجاوزات والألاعيب التي يمارسها الحزب خدمةً للولي الفقيه، فقد كان لاستقالته المسؤولة دوي هائل، أربك الطيف السياسي اللبناني برمته، وفي طليعته عناصر الحزب، وممثلوه وأمينه، إلى الدرجة التي اتضحت في خطابات أمين الحزب المرتبكة، والتي شعرتْ بفداحة الانكشاف، مما دفعها كالعادة إلى إقامة حفلة لطم تاريخية دعتْ لها الجميع زورا باسم الوطنية التي هي آخر ما يمكن أن يفكر فيه حزب طهران في ضاحية بيروت، وأقامتْ حفلة تكاذب غير مسبوقة تحت عنوان أن المملكة قد فرضتْ الاستقالة على الرئيس الحريري، وأنه لا يملك حريته، ولا أحد يستطيع لقاءه.
وحين ظهر دولته في اجتماعات رسمية مع خادم الحرمين الشريفين، وفي بعض الاستقبالات، ادّعتْ أنها مجرد صور للاستهلاك التلفزيوني، وصولا إلى زيارة دولته إلى أبوظبي، والتي صُنّفتْ ضمن السياق ذاته، في إطار حملةٍ تمّ التجييش لها ضد المملكة، لإيهام المواطن اللبناني البسيط أن ليست إيران هي التي تتدخل في شؤون بلاده، وإنما المملكة من يفعل ذلك.
وعندما ظهر الرئيس الحريري في لقاء مع فضائية المستقبل، مساء أمس الأول، وعلى الهواء مباشرة، عمدتْ المذيعة بذكاء وباحترافية مهنية أن تؤكد من خلال الإشارة إلى بعض الأحداث المواكبة له كزلزال العراق لتأكيد مباشرته، وهو اللقاء الذي بثته عديد من المحطات، اضطر حزب اللات إلى قطع البث عن جمهوره في الضاحية وبعض مناطق نفوذه، لأن ما أشار إليه الرئيس الحريري من الحقائق يفضح كل تلك الحفلة التي جرّ لها الحزب الكثير من الأبرياء، حيث جفف ظهور دولته مستنقع التكاذب الآسن الذي صبّ فيه الحزب دموع التماسيح بسخاء على الرئيس الذي يزعم أن المملكة تحتجزه، الرئيس الذي كان الحزب قد قتل والده، ولعله ابتعد عندما شعر بأن ثمة من يرتب له ذات المصير، فيما هو يقيم في بيته في الرياض آمنا مطمئنا، ويستعد أمنيًّا كما أشار لعودته إلى بلاده.