تخوض المملكة اليوم حروبا على جبهات متعددة، من هذه الحروب الحرب على الفساد الذي على الرغم من حداثة الاعلان عنها، إلا أنها ملأت البلاد وأسعدت الناس. علاقتي الشخصية بهذا المصطلح جاءت من مسارين الاول اللوحات الارشادية التي تكثر في مداخل ومخارج المدن وعلى الطرقات السريعة والتي تحمل عبارة «الفساد يعطل التنمية» هذه اللوحات انتشرت في السنوات الثلاث الأخيرة، وكنت وأنا ألاحظها أشعر بغيظ شديد، لاعتبارات عدة منها أن وجود هذه اللوحات اعتراف بوجود الفساد بين ظهرانينا، وهذا ربما مسلك صحي ان نعترف بالداء لنستطيع التعامل معه، الامر الآخر أن الفساد يعطل التنمية، ونحن بلاد نامية والتنمية لا تزال حلم الناس لحياة أفضل ولرفاهية منشودة. أما المسار الثاني الذي ربط علاقتي بمصطلح الفساد فكان عبر مقال كتبته في هذه الصحيفة الغراء في شهر يونيو من العام 2012م بعنوان «الفساد الصغير والفساد الكبير» جاء معظم المقال كقراءة صحفية لكتاب أكاديمي رصين ومتخصص في الفساد وشؤونه، عنوان الكتاب «الفقر والفساد في العالم العربي» لمؤلفه سمير التنير، طبعة أولى 2009م. ومما يمكن اعادة طرحه اليوم من مضمون ذلك الكتاب، التأكيد على أن الفساد داء كوني، وتعاني منه دول المنظومة الدولية، وهناك حقيقة مهمة، وهي أن كل دول العالم تعيش حالة استنفار عالمي تنادي بمكافحة الفساد. والقضاء عليه، بعد أن أدركت المجتمعات آثاره المدمرة على مجهودات التنمية.
ومن نافلة القول وكما يذكر الكتاب، أن الفساد ينشأ في بعض دول العالم ومن أبجديات التعامل مع مصطلح الفساد، الاعتراف بأن أحد تعريفاته لا تعدو استخدام السلطة، أو النفوذ من أجل المنفعة الخاصة. وهو ما يمكن تسميته بالفساد الشخصي، أو الصغير الذي عادة ما يترعرع في بيئة الرشوة والمحسوبية. وهو يختلف في الحجم عن الفساد الكبير الذي يجيده بعض المتنفذين، عبر الصفقات الكبرى في التجارة وغيرها. ويميزه أن خطره يكون على الدولة، والمال العام الخاص بالمجتمع.
من المفيد الإشارة إلى أن الفساد بنوعيه، وبكل اصنافه، يضعف الدولة - أي دولة - داخليا، وخارجيا. لانه يعزل الطاقات البشرية النظيفة، ويفتح الساحة للفاسدين، والمرتشين.