رغم حرص الكثير من الشركات والأفراد على تركيب كاميرات المراقبة لمنازلهم وممتلكاتهم، وازدياد الرغبة في الرقابة والتعزيزات الأمنية في الكثير من المرافق العامة، إلا أن تركيب كاميرات المراقبة داخل الطائرة من الأمور غير المرغوبة، ولا تنصح بها شركات تصنيع الطائرات، أما في الطائرات الخاصة فتحرص الشركات المصنعة على تلبية رغبة ملاك الطائرات بتوفير كاميرات مراقبة خارجية تعمل على بطاريات خاصة وحساسات في حال تم الاقتراب من الطائرة أو محاولة العبث بها أو عند القيام بفتح أحد أبوابها أو نوافذها؛ وذلك لأغراض أمنية ورقابية فقط، وبالطبع يستطيع المهندسون وكذلك مالك الطائرة مشاهدة تسجيلات هذه الكاميرات أيضا في أجهزة وشاشات الترفيه المثبتة في مقاعد الطائرة، وهذه الشاشات تُستخدم في الأساس لمشاهدة المناظر الخارجية، كما هو الحال في الطيران التجاري مؤخرا.
ومن أشهر كاميرات المراقبة داخل الطائرة، هي التي تم فرضها من قبل منظمات الطيران العالمية، وذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث أصبحت شركات تصنيع الطائرات تقوم بتركيب كاميرا فوق باب مقصورة القيادة لتسمح لقائد الطائرة بمعرفة هوية من يقوم بقرع الباب قبل الدخول، وكذلك معرفة ان كان من يرغب بالدخول يحمل سلاحا أو يهم بخطف الطائرة وخلافه.
وبالعودة للحديث عن كاميرات المراقبة داخل كبينة الطائرات وأسباب منعها، حيث يعود المنع لأسباب خلافية بين الرواد في صناعة الطيران ومشرعي الأنظمة في أمريكا وأوروبا، فتركيب الكاميرات قد يؤثر سلبا على صناعة الطيران بدلا من أن يكون إيجابيا، ولكن لتفصيل الحديث، لم يتم تركيب كاميرات المراقبة في الطائرات بشكل عام لأربعة أسباب رئيسية: اقتصادية واجتماعية وتقنية وإستراتيجية، فالسبب الاقتصادي منها، هو التكلفة الإجمالية لهذا النظام بعد اعتماده من منظمات الطيران، فبكل تأكيد أن الكاميرا التي تحصل على الموافقة لاستخدامها داخل الطائرة سيتضاعف سعرها عشرات المرات فقط لأنها مرخصة لذلك، وهذه التكاليف لا تتحملها شركات الطيران خصوصا الاقتصادية منها، أضف إلى ذلك أن الطائرات الخاصة لا يهم ملاكها تكلفتها مثل الطيران التجاري الذي يُبنى على تقليص التكاليف وزيادة الأرباح.
أما السبب الاجتماعي، فاحتراما لخصوصية الركاب وجعلهم يشعرون بالراحة خلال سفرهم وأنهم في ضيافة خطوط الطيران وليس تحت رقابة دائمة، فالآن تُعد الطائرة وسيلة سفر توفر خدمات فندقية داخلها ويكون الركاب في وضع النوم أو الاسترخاء أو ما إلى ذلك، ناهيك عن أن تصوير الناس أمر غير محبذ (غالبا) وقد يتجنب العديد من الأشخاص السفر على خطوط طيران معينة فقط لأنها تقوم بمراقبة ركابها والحجز على خطوط أخرى لا تحوي كاميرات مراقبة داخلها.
وأما السبب التقني، فتركيب كاميرات المراقبة يتطلب جهدا هندسيا كبيرا، غير أن إضافة أنظمة جديدة للطائرة (كالكاميرات) تسبب زيادة في وزنها في وقت تقوم شركات صناعة الطائرات بعمل العديد من الأبحاث والدراسات لتقليص وزن الطائرات لزيادة السرعة وتوفير استهلاك الوقود، مما يعكس ذلك على عمليات خطوط الطيران والتوسع في التشغيل دون وجود معوقات تواجهها.
وأما السبب الإستراتيجي، فهو في حال حصل حادث لطائرة تحوي كاميرات مراقبة داخلية، وانتشر فيديو لركابها وهم يحترقون أو يموتون داخلها، حينها قد يسبب ذلك إلحاق ضرر كبير لصناعة الطيران بشكل عام وخطوط الطيران بشكل خاص، حيث تحرص الشركات المعنية بصناعة الطيران على سمعتها والمحافظة على مكانتها لدى الشعوب، أيضا كلما ازداد رهاب الطيران أو فوبيا الطيران بين الناس فسيتقلص عدد ركاب الطائرات على المدى البعيد وهذا يؤثر على الصناعة أيضا، ناهيك عن أن شركات صناعة الطائرات تعلن دائما أن وسيلة السفر الأكثر أمانا هي الطائرات وأنها الأقل في نسبة الحوادث بين وسائل المواصلات الأخرى.
أخيرا، موضوع إضافة كاميرات للمراقبة أصبح حديث صناع الطيران والمهتمين خلال السنوات الأخيرة الماضية وخصوصا بعد حادث اختفاء الطائرة الماليزية الشهيرة، وبدأت بعض شركات الطيران الكبرى بوضع كاميرات داخل طائراتها بدون تسجيل، والغرض منها توفير طريقة لقائد الطائرة لمشاهدة الأحداث في كبينة طائرته خصوصا العريضة البدن منها كـ الايرباص 380 وبوينج 777، حيث تكون تكلفة تركيبها وصيانتها منطقية، ومع التضييق الدائم في المراقبة والتعزيزات الأمنية، نتوقع أن نشاهد كاميرات مراقبة داخل الطائرة في المستقبل القريب.