بعد نجاح المؤتمر العالمي الاول لحلول القيادة والسيطرة، الذي استضافته جامعة الملك سعود بالتعاون مع وزارة الدفاع العام الماضي في 26 أبريل 2016 تحت شعار «بناء القدرات المحلية وتوطينها» حيث كان له أصداء عالمية وحضره كوكبة من الخبراء والمختصين من مختلف دول العالم. ولأهمية المؤتمر فقد كان من أبرز التوصيات التي أوصى بها المشاركون ان ينعقد هذا المؤتمر سنويا تحت شعار يلبي احتياجات المرحلة. ويوم الثلاثاء 27 أكتوبر ٢٠١٧ عقد المؤتمر العالمي الثاني لحلول القيادة والسيطرة تحت عنوان مهم جدا وهو: (التحالف ضد الارهاب الاستراتيجيات والقدرات) برعاية الامير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
استمرار انعقاد المؤتمر بهذا الزخم وهذا الحضور هو فرصة حقيقية لتعزيز الشراكة بين صناع المعرفة وتفعيل دورهم (الجامعات والمراكز البحثية، ومراكز التميز) في أنظمة القيادة والسيطرة، وبين مختلف القطاعات الأمنية والدفاعية والمدنية المستفيدة، وكذلك بين الشركات المطورة والمصنعة لأنظمة حلول القيادة والسيطرة، والتي تهدف في نهاية المطاف الى سهولة الانتقال الى جيل جديد أكثر أمنا من أنظمة القيادة والسيطرة والأمن السيبراني، من خلال تبادل الخبرات بين هذه الجهات واستقصاء التطورات التكنولوجية، وفرصة كبيرة للقطاعات المدنية والعسكرية لطرح مشاكلهم وتحدياتهم بكل شفافية، ومنصة مهمة للشركات المطورة لطرح الحلول التطبيقية المتوفرة والمطلوبة، وتهيئة الانسب لبناء قدرات واستراتيجيات مستدامة.
تضمن المؤتمر عدة جلسات وكلمات رئيسية وحلقات نقاشية تم من خلالها تناول الابحاث المقدمة والتي ناقشت أهم المستجدات في مجال انظمة القيادة والسيطرة المتقدمة، والبنى التحتية والاستراتيجيات والادوار الاساسية لتمكين عمليات التحالف ضد الارهاب ورفع كفاءتها، اما من جوانب بحثية علمية او صناعية تطبيقية، وذلك لاستقصاء مساحة الفجوة بين التحديات التي تواجه التحالفات الحديثة لمكافحة الارهاب والحلول والتجارب العالمية، وتقديم التوصيات المناسبة لتحقيق التطلعات. ومن ابرز تلك المحاور محور الإرهاب التكنو – اجتماعي وأنظمة القيادة والسيطرة ومحور أنظمة القيادة والسيطرة وانترنت الأشياء في البنية التحتية الحيوية. وقد نجح المؤتمر في استقطاب كوكبة من المتحدثين البارزين في مجال أنظمة القيادة والسيطرة والأمن السيبراني، على الصعيدين المحلي والعالمي، أبرزهم الدكتور جون مارك بولن مدير مركز التميز في القيادة والسيطرة والاتصالات والحاسب والاستخبارات (C4I) في جامعة جورج مايسون، والدكتور أنيبال فيلالبا، كبير مستشاري رئيس مجلس الأمن السيبراني الوطني في مملكة إسبانيا، وسفير الأمن الإلكتروني لرئيسة الوزراء البريطانية كونراد برنس. اما من الجانب السعودي فشارك اللواء الطيار المتقاعد سعيد الحزنوي، مستشار مركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة بجامعة الملك سعود، وعضو اللجنة المنظمة للمؤتمر، الدكتور جلال المهتدي مدير مركز التميز لأمن المعلومات في جامعة الملك سعود وعضو اللجنة المنظمة للمؤتمر.
كان أبرز ما انبثق عنه المؤتمر هو الاعلان عن إنشاء مركز متخصص لدراسات القيادة والسيطرة المتقدمة، والذي أعلن عنه مدير جامعة الملك سعود، الدكتور بدران العمر. والذي بحسب تصريحه سوف يعتبر المركز الأوحد إقليميا والثاني عالميا. وأضاف العمر: «إن هذا المركز سوف يسعى الى مقابلة الطلبِ المتزايدِ للقطاعاتِ الدفاعيةِ والأمنيةِ وكذلك الصناعية والمدنية». ويمثل مرجعا معرفيا لمساعدةِ تلك القطاعاتِ في بناءِ قدرةٍ وطنيةٍ مستدامةٍ لتكون هي من يطور ويمتلكُ الأنظمة وبياناتها ذاتِ الحساسيةِ العالية.
وأخيرا أعتقد ان مواكبة التطورات المتلاحقة في تقنيات المعلومات وخاصة في موضوع مهم وحساس مثل انظمة القيادة والسيطرة والتعامل معها بكفاءة ومرونة بما يتوافق مع المعايير والممارسات العالمية. والسعي لتوطينها، مطلب مهم واحد البنود المهمة لتحقيق رؤية 2030 التي أعطت ملف توطين الخبرات التقنية والعسكرية أولوية مطلقة.