تواجه عموم المنشآت صعوبة في الحفاظ على معدل منخفض من التسرب الوظيفي خاصة إذا كان التحليل اللازم لإبقاء الموظف غائبا في ظل إدارة موارد بشرية ضعيفة أو إدارة عليا بنظرة قاصرة فيما يخص هذا الموضوع.
مع حقيقة الواقع الذي نعيشه وتوسع الادراك ومستوى الفهم لأهمية الموظف كعنصر بناء ضمن أي منظومة ومعامل نجاح فعلي بدأ تسليط الضوء على حجم الخسارة التي تحصل من موضوع التسرب. فالأمر لا يتعلق بخروج موظف من مؤسسة أو شركة، بل يتمثل في خسارة فعلية ومسجلة لمصاريف استقطاب وتعيين وما يلحقه من تدريب في عدم تحقيق استفادة مأمولة من عملية التعيين اضافة إلى ما يتبع ذلك من محاولة ايجاد البديل المناسب واعادة عملية الصرف والبذل مرة اخرى في حين انه لو كان هناك بحث واقعي نحو أسباب التسرب لكان الأمر أكثر توفيرا سواء على المستوى المادي أو على مستوى الجودة وبيئة العمل، حيث إن الأمر إذا ترك بدون علاج فعال فسيرى أثره في الإنتاج والفرص بشكل فوري.
الحلول التي تطرح لهذا الأمر كثيرة وهي مازالت مدار بحوث متخصصة تعنى بها مراكز ودور استشارية عريقة، والطرح هنا طرح عام بدون خوض في التفاصيل، حيث إن الموضوع اذا نوقش باستفاضة فانه يأخذ في تفصيلات وتشعبات عدة، ونقاط لا حصر لها في دلالة على أهميته وعمقه.
القراءة العامة ممكن أن تأخذ من عدة نقاط مثالا عليها لا حصرا، تأسيس الثقافة الإيجابية وتعزيزها ضمن بيئة العمل وهي تشمل كل ما هو متضمن ومؤسس لقيمة أخلاقية نعرفها. الأمر الآخر هو إشراك الموظف في صناعة القرار، وهذا جزء من تقدير الموظف وجعله يؤصل الثوابت والولاء للمنشأة عبر خلق عنصر فعال مؤثر وله صوت مسموع فيها بعيدا عن اساليب المدرسة الكلاسيكية عن الادارة التي مازالت تثبث فشلها.
واخيرا وليس اخرا التقدير بكل صورة مادية كانت أو معنوية يتضمنه الحوافز والتدريب وفرص النضج الوظيفي كالترقيات. إذا اخذ ما سبق كنقاط أساسية تبنى عليها بيئة العمل فان النتائج ستكون مذهلة في ايجابياتها.
القارئ بما سبق قد يرى البديهية في هذه الأمور وانها من المسلمات ولكن الأمر ليس بالهين وليس بالأمر الذي يتحقق بشكل تلقائي، بل هو نتاج جهود وخبرات وقراءة صحيحة لكل حالة ولكل وضع. وهو أساس نجاح وايضا أساس فشل في كثير من المنشآت.
