كلمة رؤية في عالم الشركات ليست دخيلة وأغلب الشركات تتفنن في كتابة الرؤية، بل يزداد الفن في اختيار الإطارات المذهبة و(الفريمات المزركشة)؛ لكي تبهر الزائرين، ولكن لو سألت موظفي تلك القطاعات ماذا تعني لهم الرؤية أو ما هي أهداف منظماتهم فستجد قلة ممن قد يجيبك! والأمر طبيعي بل متوقع؛ لان من كتبها خبير أجنبي يجهل طبيعة المنظمة وثقافة المجتمع الذي وجدت فيه تلك المنظمة وجعل اهتمامه في جمال الحروف لغويا ولم يعتن بما تعنيه من جوهر بحيث تلامس وعي كل موظف من رجل الأمن في البوابة إلى سعادة الرئيس أو معالي الوزير!
هذه المقدمة عن رؤية المنظمات، ولكن ماذا عن رؤية بلدنا 2030؟ من يتبحر في جزئيات وحيثيات الرؤية يجد انها كتبت بأيدٍ وطنية لديها دراية تامة بحاجة الوطن واحتياجات المواطن، وبإذن الله ستؤتي اكلها عاجلا وكذلك بعد حين، فلا نستعجل النتائج ولا نكثر من الدندنة أو الاسراف في استخدام كلمة رؤية 2030. لكي اقرب الصورة أكثر، قمنا بعدد من الزيارات للمدارس ووجدنا أن شعار الرؤية كان العامل المشترك في كل مدرسة زرناها، سررنا ونحن نشاهد اللوحات مزدانة بأحاديث نبوية وحكم ونصائح في جنبات وردهات كل مدرسة، ولكن اقولها بكل مرارة، أغلب المدارس وأغلب الطلاب بعيدون نوعا ما عن الرؤية، فلا انتظام في صفوف المقاصف، ولا نظافة في فناء المدارس، ولا وجود للانضباطية في تواجد الطلاب في الفسحة، ولا ننسى كيفية ركوب الطلاب الباصات وكيفية النزول وعبور الشارع، كل هذه الأمور لا نلقي لها بالا رغم أهميتها في بناء عماد الرؤية لجيل اليوم عماد الغد ووقوده، وربما ينتقدني البعض كوني ربطت الرؤية بالمقصف وركوب الباص ونظافة المدرسة!! أقول لمن ينتقد انظر للصورة من زاوية أشمل وأكمل وتصور هؤلاء الذين لم يحترموا حقوق الآخرين في صفوف المقاصف كيف ستكون اخلاقياتهم غدا خلف المقود!؟ ما سبق ذكره من سلوكيات، بمثابة البنية التحتية لأي مشروع، فكلما كان الانضباط كانت القوة والعكس. وكما قيل، من شب على شيء شاب عليه! كل ما ذكرت من علل موجود ولا يمكن ان نكابر وننفيه، علينا أن نتمتع بالإنصاف فلا نلقي باللوم على التعليم وحده لأنه لن يستطيع أن يغير ما لم نتكاتف جميعا لإكمال دور المدرسة، فمن عجز من الآباء في التعامل مع طفل أو اثنين او ثلاثة فلا يعاتب من عجز في تربية العشرات، ومن يشكك في دور وزارة التعليم ودور المعلم، أتمنى أن يقوم بتدريس صف ابتدائي ليوم واحد فقط.
ختاما - الرؤية أن تكون لدينا رؤية وليس رواية نتناقلها دون أن نعي فحواها.