أحدثت ساعة النشاط التي تمت إضافتها في اليوم الدراسي بمدارس المملكة مع مطلع العام الدراسي الجاري، جدلا كثيفا لا يزال يدور في أروقة البيئة التعليمية، وهي إضافة لها سلبياتها وإيجابياتها، خاصة إذا نظرنا إليها من جانب المعلمين الذين يرفض غالبيتهم، إن لم يكن كلهم هذه الساعة، وأثاروها على نطاق واسع سواء في مجالسهم التعليمية أو المجتمعية أو المواقع الاجتماعية بما وصلت معه رسالتهم في هذا الشأن بوضوح لوزارة التعليم.
وزارة التعليم حين أصدرت قرار ساعة النشاط نظرت في جوانب إيجابية موضوعية ومنطقية من واقع أن اليوم الدراسي في السعودية أقصر من المتوسط العالمي، كما أن زيادة هذه الساعة لا تعني زيادة ساعات العمل الأسبوعية للمعلمين، والى جانب ذلك فإنها تركز على الجوانب الإبداعية للطلاب والطالبات، مثل: حل المشكلات، والتفكير الناقد، والمشاركة الاجتماعية، وتحمل المسؤولية، والقدرة على مواجهة الصعوبات.
نضيف إلى ذلك في سياق مبررات إقرار الساعة، أن البيئات الدراسية غير جاذبة وتحتاج إلى تنشيط أكثر، فكان القرار لزيادة جاذبية الطلاب والطالبات للمدارس، ولعلنا نميل نسبيا الى رؤية الوزارة إن بقيت في طور التجربة العملية ومتابعة ودراسة تطوراتها واستصحاب عدم تفاعل المعلمين معها لأن ذلك يضعف قيمتها ويجعلها بدون حصيلة تتوافق مع مبررات الوزارة لإقرارها، وتحقيق الهدف النهائي منها.
حين رفض المعلمون هذه الساعة كانت لهم مبرراتهم أيضا، وهي تبدو منطقية من عدة زوايا ما يعني أن الوزارة معنية بالوقوف على هذا الرفض ومناقشته وعدم تجاهله، من أجل تحقيق توازن في نفاذية قرارها وتحقيق جدواه العلمية والعملية على أرض الواقع، لأن بقاء الوضع بهذه الصورة لن تتحقق معه نتائج ترضي التطلعات في ظل عدم توازن مطلوبات القرار مع رفض المعلمين وتعاملهم معه كأمر واقع ومكرهين على تنفيذه.
بالطبع من الصعب على معلمين يبعدون عن مدارسهم عشرات الكيلومترات في كثير من المناطق أن يتعاملوا مع هذه الساعة بما يتوافق مع حضورهم وانصرافهم بسلاسة لا تعكر عليهم صفو يومهم، وذلك يتجه بنا الى ابتكار ومناقشة حلول بديلة مثل تقليص زمن الحصص، وتخفيض الخطة الدراسية، وتقليص زمن وعدد ساعات النشاط، وهي حلول مرسلة من المعلمين؛ بغية النظر فيها من قبل الوزارة التي نأمل أن تضع التجربة في إطار الدراسة وليس اعتمادها بشكل نهائي وإجباري للمعلمين؛ لأنه من الصعب مع هذا الجدل والموقف من الساعة أن نتوقع حدوث نتائج إيجابية لإقرارها، وإنما ستصبح مشكلة حقيقية في البيئة الدراسية.