الدمام عروس الخليج، هكذا نراها في نفوسنا، وعبر تاريخ حياتنا. في ذاكرة الدمام مواقع تشهد بكونها عروس المشاهد، وتجعلنا نردد هذا القول. هل تذكرون محطة القطار في مركز المدينة؟ هل تذكرون سوق المشالح والعبي، وسوق عيال ناصر؟ هل تذكرون أهمية شارع الملك سعود؟ وكان يمتد كالنهر عبر مركز المدينة بنخيله وبمتاجره النادرة. هل تذكرون هدوء المدينة وطيبة ناسها؟ هل تذكرون حديقة الملك سعود؟ أسرد شيئا مما كان يجعلني انظر إلى الدمام كعروس الخليج. الدمام ذكريات، وذاكرة مواقع مشهورة لجيل كان يرى الدمام شيئا مختلفا عن بقية أشياء المدن الأخرى. فهل تستمر الدمام عروس الخليج، ومدينة الجودة في خارطة مدن بلادنا؟
● ● هناك معالم جديدة، وأخرى اختفت من الوجود، وكان يمكن أن تظل لتزيد مساحة حب متوارث بين الأجيال. حتى الحب نرثه، ونرث حب المكان والمشاهد والتطلعات. عندما يتحول تاريخ المدينة إلى حب فهذا يعني أن هناك من يربي في الأجيال طاقة الابداع. ذاكرة المدينة حب وشغف، وهذا يعني الانتماء والولاء. الانتماء للمكان والولاء لتاريخه ودوره وناسه. ماذا ننتظر من أجيال لا تعرف للمدينة والمكان ذاكرة؟!
● ● لا أطرح أجوبة، لكن أسعى لطرح أسئلة تنتج تساؤلات. أين ذاكرة مدينة الدمام؟ وعندما أقول الدمام عروس الخليج، فهذا يعني مشروعا بمواصفات يمكن رسمها، ويمكن للأجيال القادمة الاستمتاع بقراءتها، ويمكن للنّاس شد رحالهم نحوها، ويمكن أن تكون وجهة يسعون للنظر إليها، ويمكن أن تكون مشروع زيارات مستدام، تشدهم نحوها السمعة بكل الأوقات والمناسبات.
● ● الدمام مدينة ستظل عروس الخليج في نفوس أمثالي، عشنا في ساحات أخلاقها، ومع مساحات فلسفتها، وتعجبنا تقاسيم وجهها الجميل، وتبهرنا ملامح فكرها المتجدد. كيف يمكن أن تظل عروس الخليج؟ سؤال طرحه أصعب من الإجابة عنه. سؤال يعطي أسئلة ويطرح المزيد منها، وتتشعب الأسئلة حتى تصبح غابة أسئلة. لكنها أسئلة مثمرة وذات قيمة وفائدة. طرح الأسئلة ليس مضيعة للوقت، لكنها تبني من الوقت عنوانا، وملامح مستقبل يجسد الطموحات والآمال. تحريك الأسئلة يجعل منها كيانا كالمارد المجدد، يظهر من أكوام نتائج السنين المتعاقبة، يظهر كنبتة بعد أن سقتها الأسئلة وهي في تربة صمت قاحلة.
● ● عندما نقول عروس الخليج، فنحن ننظر إلى حلية العروس، ومظهرها، وبهجة ما تحمله في المظهر والمخبر. وما العروس إلا مظهر استثنائي في يوم استثنائي، وهذا ما نريده للدمام. نريدها أن تكون عروسا دائمة. لتصبح وظيفة الأجيال الاستمتاع بجمال ملامحها، ثم إضافة نقوش أجمل على نقوش جميلة، وإلى حليتها حليّ جديدة. نضيف لبهجتها بهجة، ولجمالها جمالا.
● ● للعيون قراءات، لكن للجمال معايير. للنص المبدع أكثر من قراءة، كذلك المدينة الدمام (نص) له أكثر من قراءة، وأكثر من وظيفة. في النهاية هناك ثمرة اسمها الانطباع، فكيف يمكن جعله سمة إيجابية مستدامة، يستمتع بها الجميع؟ الانطباع ثمرة إيجابية إذا أحسنّا إدارته واستثماره. الانطباع الإيجابي سيجعل مدينة الدمام عروس الخليج. ولكن هل يمكن صناعة الانطباع ونشره وجعله ثمرة مفيدة؟
● ● الانطباع مشاعر تأتي دون إذن من أحد. الانطباع لا يباع ولا يشترى، لكنه شعور يعطي أبعادا لأحكام نصدرها، قد تكون إيجابية، وقد تكون سلبية. الانطباع شعور بسيط يمكن أن نجده في كل عمل، وفي كل تصرف، وفي كل سلوك. الدمام بحاجة لأن تكون مدينة ذات انطباع إيجابي. قد يكون هذا الانطباع عبر وسائل وأدوات بسيطة، منها الحفاظ على ذاكرة المدينة. حتى الشجرة الخضراء جزء من ذاكرتها وجمالها المستدام، وقد تكون الأهم.