عندما رفضت المملكة في سابقة هي الأولى من نوعها العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن في أكتوبر عام 2013 م، لم يكن ذلك اعتراضا على أمر ما يخصها وحدها في المنظمة الدولية، وإنما كان اعتراضا على أداء هيئة الأمم المتحدة وبعض مؤسساتها، وازدواجية معاييرها، وخروجها عن الحياد في تناول قضايا العالم، لذلك رفضت المملكة الانضمام لعضوية مجلس الأمن إلى أن يتم إصلاحه وتمكينه فعليا من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته، وهو الموقف الذي وجد ترحيبا دوليا واسع النطاق، لأنه لامس هما يستشعره الجميع لكن لا أحد يملك الجرأة على اتخاذ موقف كالموقف الذي تبنته المملكة وبمنتهي الشجاعة الدبلوماسية، والذي بدأ بامتناع سمو الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- عن إلقاء خطابه في الأمم المتحدة كتعبير عن استياء المملكة من موقف المنظمة تجاه القضايا العربية والإسلامية، وتحديدا قضية فلسطين، والأزمة السورية.
إذن كانت المملكة منذ وقت طويل تتحفظ على أداء الأمم المتحدة ومنظماتها، وترى أنها غير محايدة في تناول قضايا المنطقة على وجه التحديد، والاعتراض الأخير على اتهام التحالف العربي بانتهاكات حقوق الأطفال، تأسيسا على روايات جهات تابعة للمتمردين الحوثيين، مع تجاهل تجنيد قوى التمرد للأطفال والزج بهم في أتون الصراع دون وازع من ضمير أو رادع من خلق، ما هو إلا امتداد للمواقف السابقة وغير المحايدة للمنظمة الدولية الممعن في ترجيح كفة المستبدين، وزاد الأمر سوءا ما عرف عن أمينها العام أنطونيو غوتيرس من التردد، والوقوع تحت طائلة الضغوط، وهو الذي استسلم لها حينما كان رئيسا للوزراء في بلاده البرتغال فيما عرف بقانون الإجهاض عندما صوت الرجل ضد موقف حزبه، مما أضاف لحالة التخبط التي تعيشها المنظمة الدولية. غير أن موقف المملكة والتي سبق وأن كانت أول من نادى بإعادة إصلاح الخلل في المؤسسة الدولية سيفرغ هذا التقرير المجحف من محتواه ليس لأنه ينحاز للتمرد وحسب، وإنما لأنه يقفز فوق الحقائق، ويتهم الطرف الذي يسير قوافل المساعدات بمختلف أنواعها، والمعونات الطبية إلى الداخل اليمني بما يرتكبه المتمردون عيانا بيانا. كما يغض الطرف عن تدخلات إيران ودعمها للحوثيين، وانتهاكات الميليشيات للقوانين والأعراف الدولية أمام أنظار الأمم المتحدة التي لم تعد تخجل من مداراة ضعفها في إنفاذ قراراتها بالاصطفاف إلى جانب التمرد.