نرى بين فترة وأخرى هبة من مجموعة من شركاتنا الوطنية للإعلان عن التبرع لشخص، يكتب -أو تُكتب- عنه تغريدة، فتبدأ شركة بإعلان التبرع بشقة، ثم تتبعها أخرى بأواني البيت، وثالثة بالدينامو، ورابعة بالحلا، وخامسة بالثياب والسراويل! والبقية تجهد نفسها بالسعي لما لم تأت به الأوائل.
هل هذا الشخص الذي يتسابق من أجل إعانته المتسابقون محتاج؟!
قد يكون! وقد لا يكون! ولكن الصفة التي تميزه عن غيره أنه شهير، وبالتالي فإن التبرع له ليس من أجل سواد عينيه، أو لأن الواجب الوطني حتم عليهم ذلك، بل لأنه وسيلة دعائية لا أكثر ولا أقل!
ما المشكلة في ذلك؟، ولماذا تضخمون الموضوع؟ فكل واحد حر بماله، والقائل يقول: «اللي عنده قرش محيره، يجيب حمام ويطيره!»!
ومع تحفظي على قاعدة: كل واحد حر بأمواله! فإن في هذه الوقفة الخيرية العوجاء مشاكل كبيرة ومتعددة، تستحق ويستحق المبادرون فيها إلى دراسة وعلاج بل وكي إن لزم الأمر!
فهذه العطايا لغير المحتاج هي على حساب المحتاج، والدليل تواري معظم هذه المؤسسات عن إعانة المحتاجين حقيقة، ويكفي سؤال الجمعيات الخيرية ذات العلاقة، ومتابعة مناشدات تويتر التي لا تكاد تتوقف بلا مجيب من هذه الشركات، فضلاً عن التسابق والدفع بسخاء وطيب نفس!
بالإضافة إلى الهدر الحقيقي والصريح في هذه الهبة، وهدر المال أو الوقت أو الجهد من المؤسسة يعتبر خللا إداريا يستحق التوقف عنده والسعي لتعديل المصاب به!
أما ثالثة المصائب فهي الكذب. وطريقة صياغة بعض التبرعات تدل على أن هناك تمهيداً واضحاً لخط الرجعة: إذا تبرعت لك الشركة الفلانية سنتبرع لك! أو بعبارات لا تستطيع أن تحكم عليها هل هي تبرع أم بمقابل، ومن خلال تجارب سابقة فما أكثر المتبرعين حين تعدهم، ولكنهم عندما يُتصل عليهم يغلقون جوالاتهم!
أما التيه الحقيقي، فهو عندما تنشغل هذه الشركات بوسائل تسويقية قاصرة أو خاطئة وتضيع الشركات طريق التميز والنجاح والأرباح الحقيقي الذي أخبر عنه من لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه «أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم»!