كنت أعلم أن المملكة هي أكرم وأسخى دولة في العالم، لكن أن يؤكد ذلك ممثل منظمة الأغذية والزراعة «فاو» الدكتور أبوبكر محمد فهذا شيء مهم جداً. المساعدات الإنسانية والإنمائية الرسمية السعودية المقدمة لأكثر من 80 دولة بلغت أكثر من 54 مليار ريال في العام 2014. وقد شكلت أكثر من 1.9 من الدخل الوطني الإجمالي. وهذه تعتبر، بشهادة شاهد دولي، أعلى نسبة تصل إليها أي دولة، سواء من الدول الصناعية المتقدمة أو دول النفط والدول النامية.
السؤال الآن هو: هل وظفنا هذا الجهد الهائل وهذا السخاء الكبير إعلامياً لنستفيد منه، كما يجب وكما نستحق، في تقديم صورة المملكة إلى الرأي العام الإقليمي والدولي.؟! وماذا لو قارنا أنفسنا بالدولة السيئة (إيران) واستغلالها لكل فرصة إعلامية لتزور بهاء صورتها ونصرتها للمستضعفين والمغلوبين على أمرهم.؟! نحن دولة بناءة جيدة لدينا حقائق وأرقام مذهلة اقتطعناها من دخلنا القومي من أجل البناء والتنمية والفزعة مع المكلومين وتطييب خواطر المحتاجين في كل مكان. ومع ذلك أستطيع أن أقول إن التوظيف الإعلامي لهذا الكرم، وهذا السخاء السعودي أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه.
كنت، كما فعل غيري، أقول هذا الكلام منذ سنوات وأطالب بوضع استراتيجيات وخطط للمخاطبة الإعلامية السعودية الدولية كي لا نضيع الفرص المتاحة أمامنا؛ لنقول للعالم من نحن على حقيقتنا دون حاجة لتذويق أو تدليس. لو كان ربع هذا الرقم للمساعدات السعودية الدولية لدى دولة أخرى لعزفت عليه إعلامياً حتى يصل إلى كل إنسان في أي مكان من العالم، إذ من الطبيعي أن توظف الدول مبادراتها الإنسانية والإنمائية لتبني صورتها الحقيقية وتحقق مكاسب من ذلك على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية.
الآن نحن متفائلون مع وزير الإعلام الدكتور عواد العواد الذي يبدو أن لديه رؤية ولديه رغبة جادة لوضع استراتيجية للإعلام الخارجي السعودي. وسنكون أكثر تفاؤلاً وأكثر سروراً حين نرى هذه الرغبة ونرى بنود هذه الاستراتيجية مطبقة ومؤثرة على أرض الواقع، فنحن، كما قلت سابقاً، نستحق إعلاماً دولياً أفضل مما هو عليه حالنا اليوم.