صباح أمس في برنامج صباح السعودية بالتلفزيون السعودي تحدثت عن ظاهرة «الإصابة الخفية»، وسميتها خفية لأنها إصابة نوعية عصبية ذهنية قد تكون وراثية وتتقنع بالمظاهر في سلوك الأطفال والمراهقين بالذات، التي تبدو للعين والفهم العاديَّيْن وكأنها تصرفات متوقعة. وأقصد بالإصابة الخفية فرط الحركة وتشتت الانتباه.
هذه الإصابة الدماغية العصبية إن لم تشخص صحيحا من البداية وتعالج بدنيا ونفسيا وسلوكيا فإن شخصية المريض قد تتشظى لأشد ما يكون في التعصب الأعمى وأحيانا القسوة بلا رحمة والميل للإجرام والإدمان، وقد عرفت من خلال السنوات العديدة التي قضيتها مشاركا في مجلسين متعاقبين لجمعية فرط الحركة وتشتت الانتباه أن نسبة كبيرة من الذين في السجون من المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه.
تشتت الانتباه وفرط الحركة في لحظة واحدة، عندما يسرف الصغير في الحركة وعدم التركيز، يمكن أن تخرج منه شخصية دكتور جيكل في الرواية الانجليزية الكلاسيكية الشهيرة، أي شخصية متحجرة العواطف مغرمة بالقسوة ومسرفة بالسادية. وفي ذات اللحظة إذا تلقى نفس الصغير وهو يضجّ بحركته أو يتباهى بعمله (لأن من لديه فرط الحركة يكون مغرما بأن يكون بطل اليوم) وفهم المراقب له ذلك سواء أكان معلما أم أما أم أبا وأثنى على تصرفه وأحاطه برعايته، فقد يصبح عبقريا مستقبليا يساهم في نقل العالم للأفضل.
يميل كثيرون من الباحثين بأن شخصيات عالمية شريرة في كل مجال، من زعامة الدول إلى الانخراط في الجماعات الارهابية المؤدلجة، هم من المصابين بفرط الحركة. وكثير من المصلحين والعلماء هم أيضا لديهم فرط حركة وتشتت انتباه.
بقي أن أذكر لكم أن نسبة الإصابات عالية نسبيا في المملكة خصوصا في المنطقة الشرقية، وأعترف أن «جمعية فرط الحركة وتشتت الانتباه» لم تحقق النجاح المطلوب في فتح فرع نشط لها بالشرقية، ونعمل على تحقيق ذلك.
جمعية فرط الحركة وتشتت الانتباه هي الجمعية النوعية الوحيدة للتوعية عن هذا المرض، ومحاولة إقامة مشاريع علاجية متخصصة، ولتحقيق ذلك فإنها تحتاج تعاونا من الجهات الأسرية والتعليمية والصحية، ودعما ماليا سخيا لتنفيذ برامجها..حفظكم الله.