يقوم التعليم الأهلي في المملكة بدور ملموس في عملية التربية والتعليم، ليس من حيث تعليم مئات الآلاف من الطلاب في حوالي أربعة آلاف مدرسة، بل من الناحية الاقتصادية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن هذا القطاع يوفر على الميزانية العامة أكثر من (12) مليار ريال، هي تكلفة تعليم الطلاب الملتحقين في مدارسه، علاوةً على تقديمه تعليمًا نوعيًا بسبب مرونة اتخاذ القرارات، وخاصةً قرارات التطوير وبرامج التدريب، والاستعانة بخبرات نوعية، وتوفير فرص وظيفية للمعلمين وغيرهم، بل حتى مشاركة مدارس رائدة فيه بنقل الخبرات التربوية إلى المدارس الحكومية في كثير من الأحيان؛ ولذلك نجد الدولة حريصة على توفير الظروف لنجاح هذا القطاع من حيث المعونات المالية، وتقديم العون الإداري والإشرافي بتكليف قيادات مدارس من موظفي الدولة لإدارة المدارس الأهلية، وقيام المشرفين التربويين في التعليم العام بزيارة معلمي هذه المدارس وتقييم أدائهم وإتاحة الفرصة لهم لحضور البرامج التدريبية التي تنفذها إدارات التعليم. كل ذلك سعي واضح من الدولة لتشجيع زيادة مشاركة التعليم الأهلي في عملية التعليم، والتوجه نحو خصخصة الخدمات التعليمية، وهو توجه عالمي متزايد يستهدف خصخصة العديد من القطاعات الخدمية والاقتصادية، خاصةً في مجالي التعليم والصحة، وأثبت نجاحه في تقديم خدمات نوعية للمواطنين وتخفيف العبء عن القطاع العام. ومع ذلك فإن هناك شكاوى وهموما لدى أصحاب المدارس وملاكها تكرر الحديث عنها، ولم تلح في الأفق حلول لها أو أن الحلول التي يتم تقديمها ليست جذرية أو كافية، لأن لقاءات ملاك المدارس مع مسؤولي التعليم ما زالت تدور حول نفس الموضوعات: عدم كفاية الأراضي المتاحة لإقامة المشروعات التعليمية، والتخلص من المباني المستأجرة، واستقرار المعلمين السعوديين في المدارس ورواتبهم، ونسبة السعودة، والرسوم والشروط التي تضعها أمانات المناطق وبلديات المدن وإدارات التعليم، والتي يرى ملاك المدارس أنها تحد من فرص استمرار مدارس التعليم الأهلي في القيام بدورها أو التوسع فيه وتطويره. من يسمع شكاوى أصحاب المدارس ومعلميها والبراهين التي توضح معاناتهم، والمشاكل التي تواجههم، لا يملك إلا أن يتعاطف معهم.. وعندما نسمع حجج الجهات الإشرافية نجد أن ما تقدمه هذه الجهات من خدمات وتسهيلات معقولة أيضًا.. هناك حلقة مفقودة لا بد من البحث عنها حتى نصل إلى المطلوب.. خاصةً ونحن نؤمن أن دور التعليم الأهلي يظل هامًا وضروريًا، كما أن ضوابط عمل هذا القطاع التي تنفذها الجهات الرقابية والخدمية ضرورية أيضًا.. الحوار وحده بموضوعية وتجرد هو الطريق وصولاً إلى تعليم أهلي كفء يعمل على ضوء أنظمة مرنة، تساعده على أداء دوره في جودة وكفاءة، وعلى تحقيق مصلحة القائمين به، لأنهم مواطنون مستثمرون أولاً وأخيراً وليسوا جمعيات خيرية ويهمنا نجاحهم واستمرارهم.