حملت المكالمة الهاتفية التي أجراها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مع والد الشهيد عبدالله السبيعي الذي قضى في العملية الإرهابية التي طالت إحدى بوابات قصر السلام بجدة، حملت في مضامينها الإنسانية رسالة بالغة الدلالة لجهة التصدي للتطرف والإرهاب، والثأر منه لدماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن خلال مواجهتهم الشجاعة له، حيث قال سموه معزيا والد الفقيد: «أرجو أن تفهم أمرين: الأول إن ثأر ابنك عندي، وسوف آخذه من كل متطرف وإرهابي، والثاني: أن تعتبرني أحد أبنائك». وهذه الرسالة تختصر الكثير من الشرح والإسهاب حول مشروع سموه الكريم للخلاص من ضلالات هذا الفكر الظلامي، وتحصين المجتمع من شروره باسترداد سماحة الدين من مختطفيه، وهو الذي يُدرك أن فاتورة التطرف لم تعد تُحتمل، وأن الدماء الغالية التي نزفت بسببه سيكون ثأرها القضاء على هذا الفكر بالضرب على رؤوس أصحابه بيد من حديد، بمعنى أننا أمام منهج جديد في المواجهة يجعلها بمثابة الثأر والاقتصاص لشهدائنا، صيانة لمجتمعاتنا من غلواء التطرف، وحماية له من السقوط كضحايا في يد فكر يعطي نفسه الوصاية على تفسير الدين كما يرى، ليتحكم برقاب عباد الله، لذلك أراد سموه الكريم في تعزيته لوالد الشهيد السبيعي أن يحدد ملامح المواجهة القادمة عبر مفهوم الثأر، ومن ثم ليضع نفسه في مقام الابن لتلك الأسر التي ضحت بأبنائها لحماية الوطن وأهله والمقيمين على أرضه من شرور التطرف والمتطرفين، ممن لا يرعون حرمة للدماء البريئة، ولا يستنكفون عن إزهاق الأرواح استجابة لشياطين الغلو والتطرف التي تشعل النيران في عقولهم الفاسدة، أو امتثالا لأصوات البعض من ذوي الأجندات الخبيثة الذين يسوؤهم أن يروا هذا البلد آمنا مطمئنا، وسط هذه الأمواج المتلاطمة من الحروب والنزاعات، وضمن هذه الفورة العارمة من الضغائن والأحقاد الكفيلة بإحراق الأخضر واليابس، وفتح الأبواب للموت، وسد الطرق أمام مؤشرات الحياة.
وسموه الكريم حينما يُجلي هذه الرسالة، وهو الذي لا يعرف أنصاف الحلول، لأنه اعتاد أن يذهب إلى هدفه مباشرة، يدرك أنه يُحاكي تطلعات شعبه الذي يقف معه في خندق واحد للثأر من سدنة الموت المجاني وقتلة الحياة باسم دين السلام الذي يبرأ منهم ومن دمويتهم.