الأجهزة الأمنية في مختلف دول العالم تؤدي مهام وظيفية وتنفيذية للتحقق من الاستقرار وحفظ الأمن، ولكن الأمن حالة مجتمعية تتطلب وعيا أساسيا من المواطن قبل كل شيء، ولكي يساهم المواطن بوعي يجب أن تكون لديه ثقافة أمنية، وعندما تتكون لديه هذه الثقافة نكون قد استطعنا تحويل المواطن العادي، مهما كان موقعه أو دوره في المجتمع، إلى رجل أمن.
نقول دائماً «المواطن هو رجل الأمن الأول»، وهو مبدأ استراتيجي في الأمن والعمل الأمني، وهذا يأخذني إلى المبادرات المتميزة التي تطلقها بعض الجهات بين الحين والآخر وتجد قبولاً محموداً في المجتمع وتلقى التقدير من ولاة الأمر، كالمبادرة التي اطلقت في إمارة المنطقة الشرقية مؤخراً تحت مسمى «ترفيه آمن» والتي بدأت تأخذ صداها في المجتمع بعد أن أيدها وأشاد بفكرتها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية -حفظه الله.
مبادرة «ترفيه آمن» تنسجم مع نشر الثقافة الأمنية التي هي جزء لا يتجزأ من الأمن الثقافي، فمن ضمن ما تحتويه الثقافة الأمنية غرس المفاهيم الأمنية في عقول الناشئة ومكافحة السلوك المنحرف، كما أن هذه المبادرة تتماشى مع ما جاء في الإستراتيجية الأمنية العربية التي أقرها مجلس وزراء الداخلية العرب، والتي جاء فيها «وجوب تحصين المجتمع من الأنماط السلوكية المنحرفة»، وما يعطي المبادرة دفعة قوية الى الامام هو أن الجهات المشاركة فيها كانت من «الوزن الثقيل» كإمارة المنطقة الشرقية وأمانة المنطقة وجامعة عبدالرحمن بن فيصل بالدمام والشرطة والمرور والدفاع المدني بالمنطقة، والشؤون الصحية والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجمرك ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام والهيئة السعودية للمواصفات والجودة والمقاييس.
المبادرة تعنى بنشر الثقافة الأمنية وسبل السلامة وتسعى إلى إيجاد بيئة ترفيهية آمنة لأهالي المنطقة وزائريها والسائحين، وكما فهمت أنها ارتكزت كبداية على ايجاد حلول الأمن والسلامة للحد من خطر الدراجات النارية ذات الأربع عجلات المنتشرة في أماكن التنزه، وهذا جميل يحسب لإصحاب المبادرة والجهات المشاركة فيها، ولكن أرى أن تتوسع هذه المبادرة تدريجياً وتسلط الضوء -مستقبلاً- على رفع مستوى الاهتمام بالسلامة والأمن في كافة المجالات الترفيهية ولا يقتصر اهتمامها على الحد من خطر الدراجات النارية ذات الأربع عجلات فقط، وأعني هنا أن تشمل بقية أدوات ومناحي الترفيه كالتي تستخدم في البحر وتلك المتعلقة بالمخيمات والمتعلقة بالمنتزهات والصحاري وغيرها من مجالات الترفيه، بحيث ترفع مستوى السلامة والحس الأمني في كل بيئة بشكل عام، كما أرى أن تكون على مدار العام، وأن تشارك فيها إدارة التربية والتعليم لكونها الحاضنة لشباب المستقبل.. وإلى مبادرات أخرى بإذن الله.