من رأى فرحة و(تنطط) السعوديين والفلسطينيين والمغاربة وكل الشعوب العربية، بمناسبة فوز مصر على الكونغو وتأهلها لكأس العالم يوقن بأن الشعور العربي العفوي المشترك ما زال في مكانه. لم تغير هذا الشعور كل التقلبات السياسية التي حدثت على مدى ما يزيد على نصف قرن. ولم تنجح الحزبيات الضيقة والتنظيمات العميلة في أن تفت في عضد فرحة العربي للعربي من المحيط إلى الخليج. لم أتمن أن أكون في القاهرة كما تمنيت تلك الليلة التي ضحك وبكى فيها المصريون كثيرا لبلادهم ومستقبلهم الذي وضعه الأعداء، في الداخل والخارج، على المحك في سنوات ما سمي، تدليسا واعتباطا، الربيع العربي.
ربيع المصريين وربيع السعوديين وربيع كل العرب هو تذوق طعم النجاح وطعم الإنجاز حين تتأهل خمس دول عربية، بإذن الله، إلى مونديال موسكو وترفع أعلامها هناك ليصفق لها قرابة 300 مليون إنسان عربي باق على عهد عروبته وانتمائه إلى هذه الأمة التي شبعت هزائم وشبعت تأخرا وتخلفا. في هذا العام المشهود تبلورت العروبة الرياضية بأوضح صورها. وهي عروبة تصدق على كل شيء في حياتنا، سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، متى ما خلصت النوايا وتم الاعتراف بأن الانتماء العرقي ليس جريمة ولا خطيئة، بل هو المعول عليه لتأمن كل الأوطان العربية وتستقر أوضاعها وتحقق أمانيها في التنمية والتقدم.
لقد تبادلنا نحن السعوديين مع إخواننا المصريين تهاني التأهل لمونديال 2018 وهم سبقونا بالتنهئة والفرح بصعودنا. وغدا سنهنئ، بإذن الله، تونس والمغرب وسوريا، ليتحقق أول إنجاز عربي في تاريخ رياضة كرة القدم بتأهل الدول الخمس إلى النهائيات. الفرح في حياتنا قليل والمنجزات أقل، ولذلك لم يكن مسموحا لمجموعة مغفلين وحمقى ومسلوبي الإرادة أن يخطفوا فرحتنا وإنجازنا. هؤلاء، الإخونجية وأزلام الملالي، لا يستحون ولا ينتمون ولا يمكن أن يفرحوا لفرح أوطانهم. من يخون الوطن لا يستطيع أن يفرح لأن نفسه ضيقة وقبله أسود.