حين تتبلد الرؤى، وتنكسر البصيرة.. يُفهم الواقع بطريقة مشوهة جدا.. وتصبح مساحات التوهم أرضًا خصبة لنمو الظنون الفارغة.
وواقعنا الاتصالي مشوّه جدا.. واختلاطه بالجهل ممتد كثيرًا.. وسائل.. ووسائط.. ونماذج اتصالية غريبة. المهمشون وحدهم يستفيدون حقيقة وواقعًا.. المعضلة.. أنهم يملأون الفضاء الاتصالي بالضجيج.
لا تكاد وسيلة اتصالية جديدة إلا وتغتص بالمنتسبين.. والمشاركين.. والمتابعين.. والمتفاعلين.. والحراك طولًا وعرضًا.. حقيقة وواقع لا ينكر.
اندهشت كثيرًا حين يوصف أحدهم بالنجم و«الفلتة»، حيث إن لديه آلاف المتابعين في وسيلته.. والأدهى أنه قُدِم كإعلامي.. أي حقق النجومية، ولقب الإعلامي.. تتركه يتحدث.. فتعرف أنه لا يعلم شيئًا عن ماذا يعني النموذج الاتصالي في الإعلام.. وما هو تعريف الإعلامي.. وما هي نظريات الإعلام.. يقول بنفخ: نحن تجاوزنا التنظير وأنتجنا إعلامًا جديدًا يحبه الناس.. تسأله من هؤلاء الناس يقول: المتابعون.. يُرد عليه إذا هم ناسك.. مجتمعك.. متابعون لك ولغيرك.. لكنهم ليسوا الناس وليسوا المجتمع.
قال: يكفيني ولم أصبح نجمًا إلا بهم.. في هذه صدقت.. وماذا تقدم لهم؟ أقدم لهم الابتسامة والترفيه والضحك.. فهذا ما يريدونه.. إذا ليس ما تريده فأنت تعطيهم على «قدر عقولهم».. يجيب: نعم.. أما أنتم التقليديون فلا قيمة لكم بوجودنا نحن النجوم.. نحن المشاهير.. أم أنت لأجل أنك لم تشتهر تنتقدنا..؟
صدق والله هو ومن مثله صنع البسطاء منهم نجومًا.. لكنهم ليسوا نجوم ليل تضيء الدروب ويستدل بها.. بل هم «نجوم القايلة» خلفهم عقول غارقة في السذاجة، والبلادة، والترفيات.
نجوم القايلة.. كسروا خصوصياتهم.. وأباحوا أسرارهم.. وكشفوا مستورهم.. وصوروا طعامهم وبيوتهم وأُسرهم.. مرروا رسائل الجهل «أحدهم يجادل في نص قرآني بكل حمق».. فميّعوا العيب.. وخلعوا السمت.. كل ذلك لهث لأجل أن يلفتوا انتباه الناس.. لأجل زيادة المتابعين..لأجل الشهرة وبعدها المال.. لهم ما يريدون.. إذا لم يخش بعضهم الله.. ولم يهتم بالقيم.. ولم يبال بالمروءة.. أقلها لا يلصق نفسه بالإعلام ومجاله.. وليناموا في «قوايلهم باطمئنان».