لعل بعضنا يتذكر الجدل الاجتماعي الذي حدث أثناء صدور القرار التاريخي الذي أعلن وقتذاك حول تعليم المرأة السعودية، وهو جدل عابر سرعان ما اعترف المجادلون بخطئهم حياله، وتأييدهم المطلق لتعليم المرأة، بحكم أنها تمثل نصف المجتمع، وعليها مسؤوليات وواجبات لا بد أن تشاطر الرجل في تحقيقها على أرض الواقع، وهاهي المرأة السعودية تحرز السبق في مجال التعليم بمختلف مراحله.
وكما حدث من جدل عابر إزاء ذلك القرار، هاهو الجدل يتجدد حول قيادة المرأة السعودية للسيارة، وهو جدل سوف يتلاشى حينما يدرك بعض المشككين فيه مدى أهميته للمرأة، وهي تستقبل مع الرجل مستجدات متوالية من شأنها النهوض بكل المعطيات الجادة؛ للوصول إلى مستقبل أفضل لمجتمعنا السعودي.
السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة هو حدث تاريخي في مسيرة المرأة في مجتمع لا بد أن تلعب فيه المرأة دورا فاعلا ومؤثرا يعكس أهمية ترجمة الرؤية الطموح للمملكة 2030 إلى واقع مشهود، ولا يمكن لنصف المجتمع الذي تمثله المرأة أن يبقى معطلا، بل لا بد أن يؤدي دورا فاعلا وملموسا في الحياة النهضوية الكبرى التي تعيشها المملكة في مختلف الميادين والمجالات.
الأمر السامي حيال هذه الخطوة، يمثل علامة فارقة في التاريخ السعودي، تعزيزا لكل الأدوار القيادية التي لعبت فيها المرأة وما زالت تلعب في ساحاتها المختلفة بما يؤكد جدارتها بهذه الخطوة وقدرتها على تحمل مسؤوليات التنمية والبناء مع الرجل، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تعطيل نصف المجتمع بل لا بد من إعطائه الفرصة السانحة لإثبات وجوده.
هو قرار تاريخي، يفتح المجال واسعا لمشاركة المرأة الرجل في عمليات النهضة، ويرسخ أهمية حصولها على حق من حقوقها الطبيعية في مجتمعها، وهو حق لا يمثل في حقيقته لونا من ألوان الرفاهية ولكنه يمثل حاجة وضرورة اجتماعية واقتصادية، وهو أمر لا يخفى على أحد، فثمة أموال باهظة تخرج من حدود المملكة بفعل كثرة العمالة الأجنبية للقيام بأدوار يمكن أن تقوم بها المرأة، إضافة إلى مشاكل اجتماعية معروفة ظهرت بتزايد تلك العمالة.
من جانب آخر، وهو المهم في هذا السياق، فإن قيادة المرأة السعودية للسيارة لا تتعارض إطلاقا مع مبادئ وتعليمات العقيدة الإسلامية السمحة، فالقرار صدر بعد دراسات مستفيضة أجمع علماء الأمة أن هذه الخطوة المباركة متفقة مع تلك المبادئ السامية وغير متناقضة معها، وهو أمر طبيعي يتسق مع تلك التشريعات وصورة من الصور التي سوف تؤدي إلى مشاركة الرجل في تحمل مسؤولياته وواجباته.
القرار حكيم بكل أبعاده، وهو يعطي المرأة حقا من حقوقها الطبيعية، ويحملها مسؤولية القيام بالأعباء الموكلة إليها خير قيام، فدور المرأة لا يقل عن دور الرجل في عمليات النهضة والتنمية، ولا بد من إعطائها الفرصة للمشاركة في تلك العمليات المباركة.