أحياناً هناك أسماء كبيرة لا تصدق أن لغتها في النقاش أو الاختلاف تصل إلى هذا الحد، حد كسر العظم وقطع الطريق على كل منطق يؤدي إلى تحقيق فائدة من هذا النقاش. كل يفرد عضلاته ويأتي بأقصى ما لديه؛ أو بكل ما يملكه من قواميس الألفاظ والتوصيفات والاتهامات التي لا علاقة لها أصلاً بالقضية المطروحة للنقاش.
وإذا كان المتناقشون أو المتخاصمون بهذه الطريقة شخصيات عامة فإن مخاطبتهم لبعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي وفي صفحات الصحف تؤثر في عوام الناس وتجعلهم يقتدون بهم متى أرادوا أن يرفضوا شيئاً أو يبدوا وجهة نظر حياله. أي إن نقاشات الشخصيات العامة، ذات اللغة العنيفة والسيئة، تتحول إلى (موديل) يقلده بعض الناس، ما يشيع حالة مجتمعية مضطربة لا تؤدي النقاشات أو الحوارات فيها إلى شيء سوى الرغبة في ممارسة العنف اللفظي والإساءة.!!
من الطبيعي جداً، بل من المطلوب، أن يختلف الناس وأن تتعدد وجهات النظر حيال كثير من القضايا، أو حتى حيال أداء هذا المسؤول أو ذاك، لكن من غير الطبيعي أن تكون الاختلافات أسلحة لتحقيق الجماهيرية ورفع وتيرة التصفيق من دهماء وسائط التواصل. الرأي مسؤولية تتطلب ضميراً صاحياً وواعياً للنتائج المباشرة وغير المباشرة التي تترتب عليه. وإذا غاب هذا الضمير فإن المتضرر بالدرجة الأولى هو المجتمع أو الشريحة التي يعنيها موضوع النقاش. وكم من مجتمعات خسرت كثيراً في تنميتها وفي أمنها وسلامة أفرادها لأن النقاش بين المتخاصمين لم يكن مسؤولاً ولم يراع أصحابه الأثر الذي يتركونه وراءهم.
لذلك إذا كانت بعض الأقلام أو بعض الأصوات الإعلامية تسرف في التوصيفات والخصومات فإن المسؤول بالذات لا بد أن يكون أحكم وأكثر تقبلاً لما يطرح، وأن يتجنب قدر الإمكان الوقوع في مصيدة الإعلامي الذي يتقصد الاستفزاز. المسؤول يقدم رأيه بهدوء وروية ويوضح ما لديه بالأدلة والحقائق والأرقام؛ لأن هذا في صميم وظيفته وفي صميم مسؤولياته تجاه الناس الذين يستفيدون من خدمات وزارته أو إدارته. وما عدا ذلك لا لزوم له ولا طائل من ورائه.