تبدو خيارات توطين الوظائف واستيعاب المزيد من الباحثين عن عمل سواء خريجين أو في سن العمل، متعددة، ويمكنها أن تخدم الطموحات لمكافحة البطالة والتقليل منها في الحدود المعيارية الدولية، فما من دولة في العالم بإمكانها تشغيل كل باحث عن عمل، ولكن في ظل رؤية المملكة وبرنامج التحول الوطني فإننا نتطلع الى معالجات مهنية وأكثر مرونة في التوظيف والاستثمار وتطوير الموارد البشرية التي يوجد لدينا بها خلل يتطلب المراجعة والدراسة لأنه رغم كل جهود الوزارات ومؤسسات القطاعين العام والخاص لا يزال مؤشر البطالة في مستوى بعينه.
حديثا أظهرت نتائج نشرة سوق العمل للربع الثاني من عام 2017 من واقع السجلات الإدارية، أن جملة عدد المشتغلين في السعودية بلغ 13.84 مليون فرد، يمثل الذكور منهم 11.81 مليون فرد ما نسبته 85% من إجمالي المشتغلين، ويمثل الإناث منهم 2.03 مليون بنسبة 15%، فيما بلغ عدد الأجانب المشتغلين 10.79 مليون عامل ما يمثل 78% من إجمالي المشتغلين في السعودية، وبلغ عدد المشتغلين السعوديين 3.05 مليون فرد، وهو ما يمثل 22% من الإجمالي.
بغض النظر عن الحاجة الفعلية للأجانب في سوق العمل، إلا أن الجهد ينبغي أن يتوجه الى ثقافة العمل والوظيفة، وتحفيز الشباب الى ما هو أكثر من انتظار وظيفة بتفصيل وقياس يحدده هو، لأن ذلك يضعف التجربة، فما من أحد طموح بدأ من حيث أراد وإنما الكثيرون يبدأون صغارا ثم يعملون على تنمية ذواتهم وقدراتهم وتفجير طاقاتهم وتحديد خياراتهم بدقة الى جانب أهدافهم ثم يعملون على اكتساب الخبرات بالتدرج حتى يصبحوا أكثر احترافية وقدرة وتأهيلا وتشجيعا للآخرين للقبول بهم في أفضل ما يمكن إنجازه.
لا يمكن للدولة أن توظف كل شاب، تلك قاعدة يجب أن يعرفها كل باحث عن عمل، وإنما ينبغي أن يستمر السعي والاجتهاد والمحاولة تلو الأخرى حتى يجد الفرصة، والأفضل خلال ذلك التركيز على اكتساب المهارات والخبرات والتجريب والصبر والحرص على الانتاج والإنجاز، لأن لدينا مشكلة في قضية الانتاج الفعلي الذي يرتبط بمسؤوليات والتزامات العمل، أي الثقافة العملية، وأن كل عمل إنما ينتهي الى خدمة الوطن، سواء بأجر أو لمجرد اكتساب الخبرة أو تطوعا لاكتشاف الحياة العملية التي تختلف كثيرا عن الدراسة الجامعية أو الفنية والحرفية، لذلك من المهم أن يعود الشباب الى أنفسهم لاكتشاف الأفضل ومساعدة الدولة في جهودها للحد من البطالة وليس الاكتفاء بانتظار وظيفة منها تتطلب خبرات لم يكترث لها أحد أو يهتم بكيفية الحصول عليها.