هذا ما كنت أُذكر به دائما، من خلال كتاباتي، فكثيرا ما كتبت في هذا الموضوع، لأهمية الحوار الحضاري، الثقافة الراقية، والسامية للتواصل الإنساني، وتبادل الأفكار والمعلومات، وسماع الآراء في جو يسوده التفاهم، والود والاحترام. واليوم سرني جدا توجيه نائب وزير التعليم د. عبدالرحمن العاصمي لإدارات التعليم في المناطق والمحافظات، بتفعيل مشروع «ثقافة الحوار والاتصال» لترسيخ ثقافة الحوار في المجتمع التعليمي، وأفراد المجتمع. أشعر بكل راحة وسعادة لهذا التوجيه الذي وضع النقاط على الحروف لحقيقة حضارية ضرورية كانت غائبة عن الكثير، وتطبيقها ليس فقط في المجتمع التعليمي ولكن على كل المستويات الوظيفية، والحياتية في المجتمع. بالفعل البيئة التعليمية تلعب دورا رائدا وهاما في تكوين شخصية الطفل، وتربية السلوكيات الحسنة لديه، وكذلك تغيير عاداته السيئة التي شكلت شخصيته نتيجة التربية السلبية في بعض الأسر، وتغيير السلبيات التربوية لا تنجح بالطبع بالأدوات العقابية كالسابق، وإنما بتعليم مبدأ الحوار الناجح وتطبيقه. للأسف تغيب هذه الثقافة في بعض الأسر، وتعتبر من سلبيات التربية، والجميع يعرف دور الأسرة الكبير، فهي البناء وهي الهدم، قلب المجتمع النابض، فاذا صلحت الأسرة صلح جسد المجتمع وصلحت حياته، وإذا فسدت فسد المجتمع كله، أول بيئة يرى الإنسان من خلالها العالم الخارجي، وعندما نقول إن الأسرة العمود الفقري للمجتمعات فلا نبالغ. والعنف فيها دمار لأبنائها وللمجتمع، والدليل يتضح عند المقارنة بين تربية الحوار الحضاري القائم على مبدأ الموضوعية في الحوار، وقبول الرأي الآخر، والمرونة، واحترام كل قيم الحوار، وبين تربية العنف والحوار المتشنج، والتعصب في الرأي والتسرع في إصدار الأحكام قبل توضيح الرؤية، والاقتناع، بناء يقابله هدم.
تعليم الطلبة فن الحوار الحضاري وقواعده، وإثراء الحصص بالحوار المتبادل علميا وفكريا، بدلا من حصص الجمود المتبعة قديما، من أهم وسائل التنشئة السليمة للتماسك الاجتماعي ولنهضة الوطن. أشكر نائب وزير التعليم د. عبدالرحمن العاصمي، وآمل تفعيل مشروع «ثقافة الحوار والاتصال» في المجتمع التعليمي، وأفراد المجتمع سريعا مع المتابعة المشكورة سلفا.