نحن - في الواقع- نعيش وسط ثورة تقنية ومعلوماتية هائلة، فيها الكثير من الإيجابيات، ولكن تكدرها بعض السلبيات المضادة لأمن الأفراد والمجتمعات والأوطان، فبقدر ما ننعم به من مخترعات حديثة جعلت حياتنا أكثر سهولة وراحة، إلا أنها في نفس الوقت تتدخل في أخص خصوصياتنا وتنتهك أمننا، وأعني هنا سرقة المعلومات من البطاقة المصرفية بواسطة بعض الباعة في المحلات التجارية، فبحسب ما حذرت منه الشبكة السعودية للمدفوعات «مدى» مؤخرا، فقد تتعرض البيانات البنكية والشخصية لخطر التسريب، حيث أوضحت أنه بحركة سريعة يمكن للبائع في المحلات التجارية تمرير المعلومات التي تحتويها بطاقتك المصرفية واستخدامها لأهداف تسويقية، أما في حال تم اختراق النظام الخاص بالمحل التجاري فقد تتعرض البطاقة للتزوير أو لإجراء عمليات دفع مزورة، وهذا يعني أنه بمجرد تمرير البطاقة المصرفية على أجهزة المحاسبة الخاصة بالمحلات التجارية (مرة ثانية) بعد تمريرها في عملية دفع قيمة المشتريات مرفوضا؛ لأن هذا يعني احتمال اختراقها، وهذا يعني بكل وضوح أن عملية التمرير المزدوج هذه تسمح بتخزين بيانات بطاقتك والعبث بها واستخدامها دون موافقتك. لذا، لا تسمح للبائع بتمرير بطاقتك المصرفية مرة أخرى على أي جهاز آخر سوى جهاز الدفع المخصص للبطاقات المصرفية فقط، ثم إن هذه العملية تعد من الجرائم المستحدثة أي أنها نوع من أنواع الاحتيال الإلكتروني، ومشابهة للجرائم الإلكترونية الأخرى، أعني القرصنة في البرامج الكمبيوترية، وهذا في نظري يعتبر مصدر اختراق أمني عالي الخطورة يسعى إلى الاستحواذ على معلومات صاحب البطاقة المصرفية، ربما لأمور تسويقية أو لأمور أخرى لها علاقة بالجرائم الإلكترونية، وينبغي التعامل معه بما يستحقه من الأهمية الأمنية، فكن حذرا- عزيزي القارئ- في استخدام بطاقتك المصرفية؛ حتى لا تصبح ضحية لمثل هذه الجرائم وغيرها من الجرائم المستحدثة. أتساءل هنا.. لماذا حذرت الشبكة السعودية للمدفوعات «مدى» من هذا الاحتيال؟ وهل اتخذت الإجراء القانوني المناسب بالتنسيق مع الجهات الأمنية أو الجهات صاحبة الاختصاص؟ أم سيدفع صاحب البطاقة المصرفية ثمن هذا الاختراق وكفى؟ لا أعرف الجهة المسئولة عن منع مثل هذه التصرفات العبثية، فهل هي جمعية حماية المستهلك أم جهات مكافحة الغش التجاري أم مؤسسة النقد أم وزارة المالية أم البنوك أم جميعها؟! وفي كل الأحوال، نعول على وزارة التجارة كثيرا في ضبط سلوك بعض البائعين في المحلات التجارية، كما نطالب الجهات المعنية برفع درجة ومستوى الوعي الأمني لدى المواطن العادي، ونشر الرسائل الأمنية على جميع المستويات؛ حتى لا يقع المواطن في فخ الاختراق الأمني، كما ينبغي على الجهات المعنية وضع الضوابط ضد هذه التصرفات المشينة، التي تصدر من قبل بعض البائعين، وإلا سيفتح الباب على مصراعيه للاختراقات الأمنية غير المحمودة، حمانا الله وإياكم منها.