عندما انتهى مايكل انجلو، الرسام والنحات الايطالي الشهير، من نحت تمثال هو احد اهم اعماله الفنية بين العام (1513-1515)،، على قبر البابا يوليوس الثاني في روما، سئل كيف استطاع إنجاز هذا العمل المذهل بكل هذا الإبداع الجليل، فقال حينها انا لم أفعل شيئا انه موجود في الصخر وانا نفضت الغبار عنه. وهكذا هي مدينة أبها جوهرة المدن السعودية الواقعة في منطقة عسير جنوبي المملكة العربية السعودية، لكنها تنتظر نفض الغبار عنها.
• يذكر أن لقب عاصمة السياحة العربية 2017 فازت به أبها بعد منافسة مع عدد من المدن العربية. وذكرت لجنة الخبراء بمنظمة السياحة في جامعة الدول العربية ان هناك 5 عوامل وقفت وراء تتويجها بهذا اللقب المستحق والمتمثلة في طبيعة أبها والمناخ والأنماط السياحية، ومكانتها التاريخية، وموروثها الثقافي والاجتماعي، والبيئة الزراعية الفريدة، والمهرجانات الخاصة بها. لا احد يختلف على هذه العوامل والتي تتفرد بها مدينة أبها بشكل خاص وعسير بشكل عام، ولكن بين هذه العوامل ونفض الغبار عنها وتحويلها من مجرد عوامل طبيعية الى صناعة تجعلها قبلة للسياحة، يقصدها الناس من كل مكان، وتكون احد موارد الاقتصاد، وتخلق آلاف الفرص من الوظائف والاعمال، تحتاج لمشوار طويل من العمل الجاد والاحترافي.
• كانت لي زيارة قصيرة الى أبها بصحبة عائلتي، والتي لم أزرها منذ أوائل التسعينيات،، وفوجئت انها تفتقد الكثير من مقومات السياحة، وانها الى الآن لم تتأهل بعد بمشروع شمولي يرفعها لدرجة التنافسية الحقيقية لتنافس المدن السياحية العالمية كدبي او غيرها سواء في قطاع الضيافة الذي يشمل السكن والمطاعم، التي تفتقر الى الجودة والخدمات او تردي وسائل المواصلات التي تعتبر الشريان الحيوي لأي مدينة. كذلك تدني مستوى الجودة بالمرافق والخدمات السياحية. أضف الى ذلك انه لا يوجد اماكن ترفيه سواء للصغار او الكبار، فاذا كنت تخطط لاصطحاب اطفالك معك مثلي، فاعلم انه سوف ينتهي بك المطاف الى بعض الوسائل الترفيهية الذاتية كتشغيل فيلم كرتون عبر اللابتوب او بعض وسائل الترفيه التي يقدمها الفندق وهي قليلة جدا ولا شيء غيره. وبالتالي لا توجد أماكن ترفيهية مجهزة بشكل احترافي وممتع وجاذب. الى جانب ذلك تفتقر أبها الى البرامج السياحية او انها تكون موسمية وبطريقة غير منظمة.
• آمل وأتمنى ان هذا المشوار الطويل وهذه السنوات الضوئية تختصرها رؤية 2030 التي ركزت على تطوير السياحة الداخلية باعتبارها احد أهم الموارد الاقتصادية للمملكة. فهناك 8 ملايين سائح سعودي ينفقون ما يقارب 60 مليار ريال على السياحة الخارجية، ولن يقتنع السائح السعودي الا بخدمات وفق معايير عالمية. ومدينة أبها بما حباها الله من مقومات السياحة، إذا نفض عنها الغبار وفق أعلى المعايير العالمية من خلال عقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وفتح المجال أمام الفنادق العالمية، الاستثمار الحقيقي في البنية التحتية، سوف ترتقي إلى تطلعات المواطنين والمقيمين والقادمين من الخارج وتنافس مدنًا عالمية كثيرة وتكون عاصمة السياحة والترفيه المستقبلية في السعودية.