إذا اردنا أن نتعرف على مدى رقي أي شعب من عدمه، فعلينا أن ننظر في تصرفاتهم في الشارع؛ لأن الشارع يجمع كل أطياف المجتمع، الفقير والغني، المتعلم والجاهل، الكبير والصغير، وإذا أردنا ان يكون حكمنا أكثر دقة، فعلينا أن نتابع عن قرب كيفية تعامل تلك الشعوب مع وأثناء الأزمات، وما حدث مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية وكيف تعامل الشعب مع إعصار ايرما من احترام للنظام المروري خير دليل على الرقي، حيث لم نشاهد سائقا واحدا من بين آلاف السائقين قد تجرأ ان يتجاوز من الاكتاف أو يحيد عن الصف، ورغم خطورة الاعصار وما صاحبه من خوف وهلع وما شاهدنا من دمار حطم كل شيء تقريبا حتى أصبحت تلك المناطق قاعا صفصفا ان صح التعبير حيث شاهدنا بيوتا تنهار واشجارا تقلع وجسورا تتحطم، لم نشاهد من استغل غياب المرور أو تعطل الإشارة لكي يتعدى أو يتحدى الآخرين بصلف وأنانية.
كانت تصرفات اولئك السائقين درسا لنا جميعا على أن من يتربى على النظام لا يحتاج من يذكره بالنظام، ومن تشرب احترام الصف في المقصف منذ الطفولة لن ينتظر من يعلمه احترام الآخرين في الشارع والوقوف في الصف في الكبر، ومن عاش وتعايش مع احترام حقوق الغير ليس بحاجة لان يتعلم القيم والمبادئ في الأزمات وغيرها.
بحكم اهتمامي بالسلامة المرورية وصلني عدد من الرسائل من بعض الزملاء بعد تلك الصور المرورية الجميلة والتي أبطالها سائقو السيارات المنتظمة في ذلك الاعصار المميت، منهم من علق على الرقي واتبعها بزفرات ممزوجة بمقارنات بين ما يحدث هنا وما حدث هناك!! ومنهم من طلب أن اكتب مقالا بهذا الخصوص!، أما الأخ محمد الخلفان المقيم في أمريكا وعلى مقربة من الاعصار فطلب مني أن اقوم بتحديث العرض الذي اقدمه عن السلامة المرورية بعنوان (أخلاقيات القيادة) ببعض من الصور الحديثة من إعصار ايرما قائلا: صورة واحدة تغني عن ألف كلمة وصدق أبو بدر.
رسالة لنا جميعا سعوديين ومقيمين، إذا كان الامريكان في اعصارهم وقبلهم اليابان عندما ضربهم أعنف زلزال لم يحدثوا فوضى ولم يكن هناك ارتباك في السير رغم خطورة الوضع وغياب المرور وتعطل الإشارات المرورية لم يتعد أحد على أحد وهم في موقف رعب بل هروب من الموت، كانوا على مستوى المسئولية والوعي.
متى نتعلم ممن طبق النظام واحترمه في وقت الخوف وغياب الرقيب وأرسل للعالم صورة حضارية عن الانضباط المروري، اليوم الوطني قادم وسوف يكون هناك العديد من المناسبات والفعاليات ومتوقع حدوث ازدحام، فهل نفرح بيومنا الوطني ونحترم النظام في افراحنا كما احترمه غيرنا في احزانهم؟.