نجحت المملكة حد الامتياز، بتوفيق الله، في إدارة حج هذا العام، بما يضع ذلك حقيقة تكتب بأحرف من نور لتبقى مع الزمن، وتؤكد أن شرف خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن إنما هو من فضل الله على بلادنا وقيادتها وإنسانها، إذ ليس من السهولة إدارة تلك الحشود البشرية الهائلة وتفويجها وانتقالها بين المشاعر والديار المقدسة، غير أنه مع قوة الإرادة والخبرات الطويلة والرغبة في الأجر استطاعت جميع عناصر الجهات المختلفة في التعامل مع ذلك باحترافية عالية. شاهد العالم بأسره أضخم عملية تحشيد، ولا يتوقع أحد من المراقبين أن تمضي مثل هذه العمليات الكبيرة بمثل ما تؤديه الجهات السعودية التي تخدم الحجاج، فذلك إنجاز يستحق الوقوف عنده، لأن التفويج والعمل على راحة وأمن وسلامة هذه الملايين يتم بتكامل مدهش في الأدوار، ونضيف إليه صبر وجلد القائمين على سلامة الحجاج الذين رغم التعب والمشقة وبذل الجهد يحتفظون بابتسامة تكرم وفادة ضيوف الرحمن في بلد الأمن والأمان والرحاب الطاهرة. لقد نجحت المملكة- كعادتها- في التعامل مع موسم الحج باحترافية عالية في تقديم صورة مثالية زاهية ومطمئنة نلحظها في وجوه الحجاج وهم يبتسمون ويشعرون بالرضا عن الخدمات التي يحصلون عليها، وحرص أبناء الوطن من مختلف القطاعات على راحتهم ومساعدتهم وعونهم وإرشادهم وتوجيههم، ونضيف إلى ذلك مشروعات البنية التحتية العملاقة التي تم إنشاؤها في المشاعر؛ من أجل ضمان توفير جميع احتياجاتهم خلال عبادتهم وذكرهم وتنقلهم وسكنهم. إنها رسالة لكل العالم، بأن مملكة الإنسانية تعتني بضيوف الرحمن حق العناية، وتحرص على شرف خدمتهم بكل طاقاتها وتسخرها لذلك بكل أريحية، وفي المقدمة خادم الحرمين الشريفين، الذي يقف ميدانيا على راحة الحجاج، ومن بعده مسؤولو الدولة والجهات المدنية والتطوعية وساكنو البلاد المقدسة الذين يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم لضيوفهم الذين أكرمهم الله تعالى بالقدوم وأداء الفريضة، وذلك بالفعل فضل من الله أن اختصنا به ونحرص عليه كل الحرص. نبارك لحجاج بيت الله الحرام حجهم، ونسأل الله- العلي القدير- أن يتقبله منهم، وأن يعين قيادتنا ودولتنا في تقديم المزيد من الخدمات التي تستوعب الملايين التي تفد إلى بلادنا في هذه الأيام المباركة، وتمنحنا شرف خدمتها، لحظة قدومهم وحتى مغادرتهم سالمين غانمين إلى ديارهم وفي خاطرهم أجمل الذكريات وأعمق اللحظات الروحية التي تمنح المؤمن الصفاء والنقاء والإيمان الخالص، وحسبنا أن كنا جزءا من تلك الذكريات في قلب كل مسلم وفقه الله لأداء الفريضة.