منذ أن انطلقت «الأزمة القطرية» جاء الرأي الروسي في سياق جملة من المواقف، والآراء الدولية محملًا بالقلق مما يحدث وكانت الدعوة الروسية الأبرز هي الدعوة الصريحة لتماسك مجلس التعاون، والدعوة الصريحة لتوحيد جهود أهل الخليج لمكافحة الإرهاب. بعد زيارة لافروف للكويت، وأبوظبي، والدوحة على التوالي. توافرت قراءة ممكنة للأزمة بشكل عام، ولمواقف الأطراف، وللموقف الروسي الذي جاء في آخر ركب المحاولات الدولية الرامية إلى إحداث تأثير إيجابي يقود الأزمة إلى الانفراج. فعلى مساري العملين السياسي والإعلامي، والموقف الذي تتمترس خلفه الدوحة، كشف وزير الخارجية القطري في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بوزير خارجية روسيا بجلاء، أن الدوحة لا تزال تبدي تعنتًا تجاه تقديم أي مرونة تقرب الجميع من بوابات الحل. الدوحة ركزت على أن المحادثات تطرقت لكل الشؤون والقضايا العربية، والدولية، وأعطت انطباعًا بأن الجزء الذي خُصِّص لبحث الأزمة القطرية وإمكانات الدور الروسي في ذلك كان في أضيق الحدود. وعوضت الدوحة عن مساحة الدور، والوقت المعطى للتعامل مع الأزمة في استعراض قطاع واسع من مجالات التعاون مع الجانب الروسي التي ربما كانت مؤجلة، وأهم تلك المسارات الأمني والسياسي والعسكري. ولعل هذا السلوك الذي حاولت الدوحة إبرازه بشكل لافت يحيل إلى الإشارات القطرية السابقة في الرغبة ببلورة محور ينطلق محليًا من الدوحة، وإقليميا من إيران وتركيا، ودوليًا يحظى بعباءة موسكو. ليكون بديلًا للدوحة في المستقبل عن الحاضنة الخليجية وعن إطار مجلس التعاون الخليجي برمته. من هنا يُفهم أن المسلك الروسي في الأزمة حُوِلَ إلى الاستثمار المتبادل القطري والروسي في العلاقات الثنائية والمستفيد الأول من ذلك الجانب الروسي، وفي المقام الثاني وُجِه إلى بلورة تقابل المصالح التركية الإيرانية مع قطر بقبول روسي. مجلس التعاون والتلويح القطري بالانسحاب منه لم تعد قصة تستأثر بالتحقيق، فكثير من الدلائل كشفت عن نوايا قطرية مترسخة بعدم جدوى البقاء ضمن هذا التجمع، الذي يوجد فجوة ثقة بين الأعضاء الكبار فيه وبين الدوحة منذ العام ١٩٩٥م. هنا، من المهم تفحص مسار دولة الكويت للوساطة، حيث تجدر الإشارة إلى أن الجانب القطري من خلال التركيز على الجوانب القانونية والنظامية الدولية للأزمة حَاول الإيهام بأن الكويت كعضو في مجلس التعاون، يتبنى وجهة النظر القطرية في مواجهة الدول الأربع وذلك من خلال الإشارة إلى الرسائل التي وجهتها الكويت لقيادات أطراف الأزمة، وتصوير قطر بأنها الطرف الوحيد الذي تجاوب مع الدعوة الكويتية التي تركز على انطلاق الحوار واللقاء حول طاولة واحدة. الثغرة التي تم التقاطها في حديث وزير الخارجية القطري، بعد اتهام الأطراف الخليجية والعربية برفض الحوار، الإشارة إلى ضرورة أن يرفع ما سماه الحصار عن قطر قبل أي حوار، وهنا تعود بنا الدوحة للمربع الأول وتتنكر لدعواتهم السابقة إلى حوار بدون شروط! إلى الآن والأزمة القطرية وبفضل سلوكيات الدوحة، تجلس على كرسي هزاز يتحرك كل الوقت ولكنه لا يبرح مكانه.