كثير من الموهوبين في بلادنا يحتاجون الى نصف فرصة ليعبروا بطموحاتهم وأحلامهم وقدراتهم الى ما يتطلعون اليه ويسهم في إضافة قيم مضافة للتنمية والصناعة ورفع معدلات الابتكارات، ولعل مركز الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين يحتضن ويستوعب آلاف العلماء الصغار الذين يمكن بقليل من الرعاية والمتابعة أن يصبحوا نواة لحياة علمية متقدمة تواكب تطلعاتنا في البحث العلمي والازدهار التنموي.
ساقني لذلك ما قرأته أخيرا عن تمكن فريق سعودي من جامعة الفيصل من الفوز بإحدى جوائز مسابقة دولية سنوية تنظمها شركة «شل» للسيارات الموفرة للوقود، وذلك بتصميم سيارة تمكنت من قطع مسافة 300 كم بلتر واحد فقط من الوقود، فيما يعمل فريقان آخران من الجامعة على تصميم سيارتين، الأول لتصميم سيارة للمشاركة في سباق عالمي يُقام ببريطانيا يشارك فيه 80 فريقاً من معظم الدول المتخصصة في صناعة السيارات، فيما يعمل الفريق الآخر على إنتاج سيارة تعمل بالطاقة الشمسية للمشاركة في منافسة ستُقام بتكساس بالولايات المتحدة.
لا ينبغي أن نكتفي بالدهشة والإعجاب بهذه المواهب وإنما المبادرة الى دعمها والوقوف على تجاربها على أرض الواقع حتى تصبح الأحلام حقيقة، وإذا ما نظرنا الى سجلات مركز الموهوبين فإننا سنجد الكثير مما يستحق أن نفخر به ويؤسس لحياة علمية يقودها هؤلاء الشباب مع ضمان توافر الحافز والرعاية من جميع الجهات الرسمية ذات الصلة، ومعها القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني التي لها دور أكيد في التعريف بأعمالهم وجهودهم.
ولأننا في سياق رؤية المملكة نحتاج الى قفزة نوعية وكمية في مدخلاتنا الاقتصادية فإن ما يعمل من أجله هؤلاء الشباب يعتبر دعما حقيقيا ومؤثرا للتطلعات، ويجب رعايته بما يليق منذ بروز الموهبة مبكرا وحتى الذهاب بها بعيدا لما بعد المرحلة الجامعية وربطهم بالمؤسسات الدولية ذات الصلة بإبداعات وابتكارات المواهب، لأنهم حين يجدون فراغا في الرعاية والاهتمام ربما يتسلل اليهم الإحباط واليأس وقد يتوقف بعضهم في منتصف الطريق، في حين لو نظرنا الى نظرائهم في الدول الأخرى فإنهم يقاتلون من أجل إخراج إبداعهم الى حيز الوجود سواء بالتواصل مع جامعات أو شركات انتاج تقنية وتصنيع متقدم.
لا بد من العناية بما أنجزه هؤلاء الشباب وتحفيزهم ودعم الجامعات من أجل مواصلة واجباتها تجاههم، مع دور مؤكد وفاعل للقطاع الخاص في ذلك حتى تتكامل عملية بناء مجتمعي وتنموي على أسس وقواعد علمية يجد خلالها كل موهوب ومبدع المساحة الكافية التي يتحرك فيها بكل مقومات الدعم والتكريم والاعتراف بالمنجزات.