زيارتي الأخيرة لمنطقة الباحة لترؤس الاجتماع الأول التشاوري لرابطة انقاذ شجر العرعر في جبال السراة والحجاز، جعلتني أعيش حالة انجاز استثنائية في بلاد الهواء البارد والطموحات. شاهدت انجازات أبنائها الذين يعيشون رحلة الانجاز، يتحدون بها أنفسهم. الباحة بيئة استثنائية، لكنها أيضا إنسان استثنائي، أقوى من الصخر همّة، وأكثر دقة من ساعة التوقيت، وأكثر كفاءة من عين صقر يقنص. طموحه يشكل طاقته التي لا تنضب. ابن بيئة جبلية، له من قوتها وشموخها نصيب. ■■ إنسان منطقة الباحة يعيش هجرة نافعة، يرحل ليعمل، يهاجر ليكسب. كل شيء عنده مكسب، لأنه في الأصل لا يملك إلا إمكانياته الشخصية، يحرث الصعاب والتحديات وظروفها القاحلة بحثا عن فرصة يقتنصها. يذهب ويعود ليضيف شيئا جديدا يحقق به ذاته. إنسان منطقة الباحة حصيف في قراءته وتحليله واستنتاجاته. الرجولة في قاموسه أن يحقق الجديد ليتحدث عنه الآخرون. كرامته في العمل. سمعته في رجولته هي رأس ماله. نجاحه للجميع. طموحه وراثة. ■■ احدثكم عن الدكتور أحمد الخازم، نموذج لإنسان منطقة الباحة الناجح قولا وفعلا، تاريخه مكاسب ونجاحات وانجازات، حيث ارتبط اسمه بصناعة النحل والعسل في المملكة. بدأ من الصفر كغيره من أبناء منطقة الباحة. صاغ حياته بهدوء تحت مظلة المرجلة، ورثها من بيئة اختارت أهلها بعناية. قادته المرجلة لتحقيق أهدافه فحقق النجاح والسمعة المنافسة. المرجلة هي الميزة النسبية لأبناء منطقة الباحة. ■■ زرت مهرجان العسل العاشر، وكان أيضا ورشة تدريب ومحاضرات وتبادل خبرات عالمية. تجولت فظهر أنني أتجول في معرض خاص بإنجازات الدكتور الخازم، هو العسل الذي يجب الحديث عنه، هو الإنجاز الذي يجب الخوض في أبعاد نتائجه المستقبلية الإيجابية. كان سعادته يتابع ويناقش، يشرف ويسأل ويوجه، رأيته عقلا شامخا يثمر بالخير والعطاء للآخرين. ■■ الدكتور الخازم أكاديمي نقل العلم لنفوس شغوفة بتربية النحل، حوّل الشغف إلى صناعة وتجارة تخضع لقوانين الربح والخسارة، نقلهم لعالم التحدي والتقنيات، قادهم إلى النجاح، بتأسيسه جمعية النحالين التعاونية، ليقول هذه خيمة معرفتكم ونجاحكم ومستقبلكم. ■■ الجمعية في طموح (الخازم) ومرجلته عمل غير كافٍ، لابد من شيء علمي آخر يزرعه لتقوى الجمعية، ولتتوسع رعايتها، ولتتحقق أهدافها. فكان أن أسس معهد جمعية النحالين التعاونية الدولي للتدريب. هذا الإنجاز هو الوحيد على مستوى العالم العربي. هكذا أصبح المعهد يقود جيلا جديدا نحو هذا النشاط. إن أعظم الإنجازات يبدأ بفكرة بسيطة، تتضخم منافعها وتتوسع. هكذا جعل من تربية النحل صناعة سعودية، تتوسع وتحقق مكاسب غير متوقعة. ■■ التطلعات تتعاظم لتفعيل أهمية تربية النحل لإنتاج العسل وزيادة مستوى الدخل، فكان المعهد ليحقق تدريب وتأهيل النحالين، والراغبين في مزاولة مهنة تربية النحل، ولتطوير المهارات. رسالته تدريب وإرشاد متميز يرتقي بأداء النحالين ويطور الأساليب، بمدربين أكفاء، بخبرات محلية وعالمية، تعزز استخدام وسائل تعليمية حديثة، وفق معايير الجودة العالمية. ■■ وحتى نقف على قمة طموحات الدكتور الخازم، يكفي استعراض المستفيدين من خدمات معهد جمعية النحالين التعاونية، وقد جعله حقيقة تستوعب الراغبين في ممارسة مهنة تربية النحل والنحالين المبتدئين بجانب المحترفين، وفتح المجال لذوي الدخل المحدود، والموظفين، وأعضاء الجمعيات الخيرية، والمهتمين من الوطن العربي. ■■ المعهد يمنح شهادة معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ولكن هذا الإنجاز بجانب اعتراف النّحالين في منطقة الباحة بالنجاح، منح الدكتور احمد الخازم وسام المرجلة، وشهادة الاعتراف بالفضل، وسام وشهادة محفورة في تاريخ صناعة النحل السعودي.