ندرك جميعًا أن حال الشعر منذ الأزل يقف دائمًا بين مطرقة الشعراء وسندان المستشعرين ومن هذا التصور نجد الفوارق اللغوية والفنية.. في الجانب الأول نجد من تتشكل لديه الموهبة الحقيقية ويستطيع التحليق عاليًا في آفاق الإبداع وتقديم الشعر الذي يبحث عنه المتابع الواعي عبر رسم لوحات أدبية عالية الجودة والسير في طريق يعنى بتجربته الخاصة والمختلفة عن تجارب الآخرين وهناك العديد من المدارس الشعرية المتفردة التي يشار لها بالبنان وتركت لدی المتلقي بصمة جميلة ومنهم مَن وصل الی حد الاكتفاء بكل ما قدّم مفضلًا إعطاء الفرصة إلی غيره ومنهم مَن لا تزال لديه روح الإبداع والحضور الأكثر إشراقًا.
وفي الجانب الآخر نجد فئة المستشعرين الذين يحاولون الوصول للناس من أقصر الطرق ولربما بأقبح الألفاظ وهذه الفئة للأسف منهم مَن يعتمد علی العلاقات الاجتماعية، وهناك منهم مَن يذهب الی أبعد من ذلك من خلال الدفع من جيبه الخاص لكل مَن يستطيع فرضه علی الحفلات وضمان مشاركات له حتی ولو كان كل ذلك علی حساب كرامته، وفي هذا الإطار يحضرني موقف يحدثني به أحد الأصدقاء يقول: قمت بدعوة احد الشعراء الشباب حديثي العهد بالساحة إعجابًا مني بشاعريته، المهم تم الاتفاق بيننا بعد طرح كل الشروط ومن ضمنها الكسوة وللإيضاح الكسوة هي المبلغ المالي المتفق عليه بين الطرفين.. المهم وقبل ابتداء الحفل بساعات معدودة هاتفني ذلك الشاعر قائلا: طلبتك، قلت: تفضل، فما كان منه إلا ان أوضح لي أن الشاعر الفلاني يريد مشاركتي في حفلتك وهو لا يشترط شيئا إنما يريد المشاركة فقط وهنا وضعت أمام أمر واقع، إما الموافقة علی مشاركة هذا المستشعر او الاعتذار للاثنين، وبعد التفكير العميق وافقت علی مضض تقديرًا لذلك الشاعر.
ومن هذا المنطلق مَن المتسبب في إطلاق عنان هؤلاء المستشعرين للعبث بالساحة؟.. هل القنوات أم أصحاب المناسبات؟، تساؤلات تبحث عن إجابة.. وإلی الملتقی.
من أبياتي
يا صاحبي لو طال عمر المشاوير
تبقی أصدق إنسان سكن في حياتي
