الكثير من الشعراء ظهروا فجأة قبل أن يختفوا بأسرع من المتوقع، مخلّفين وراءهم الكثير من علامات الاستفهام.
بعضهم اكتشفنا أن هناك مَن كان يكتب له وبمقابل مادي، حيث كان يسعى للظهور بأي طريقة ولكن بعد أن جرَّب الأضواء الإعلامية ملّ منها وفضَّل الانسحاب بعكس آخرين يعتقد أنهم سلكوا نفس الطريق، ولكنهم لم ينسحبوا حتى الآن، وهذا يعني أن الشعراء الذين اختفوا هم في الأصل ليسوا شعراء.
والبعض الآخر هم في الأصل شعراء مبدعون ولكن بعد ظهورهم إعلاميًا وجدوا أن المكسب المادي من كتابة القصيدة وبيعها كبير، فلم يستطيعوا المقاومة وفضّلوا التواري عن الأنظار على أن تظهر قصائدهم بأسماء أشخاص آخرين.
وآخرون غابوا اعتراضًا على وضع الساحة الشعبية الذي لم يعُد كما كان سابقًا بعد ظهور العديد من المستشعرين الذين شوّهوا صورة القصيدة الشعبية وتمادوا في ذلك بعد أن وجدوا مَن يصفق لهم.
هناك شعراء متمكنون غابوا أيضًا، ولكن أسباب غيابهم لم يكن لهم يد فيها، بل إن الإعلام الشعبي هو مَن تسبب بذلك حين أهملهم وفضّل أسماء أخرى أقل شاعرية بسبب بعض المحسوبيات التي أبتليت بها الساحة.
وهناك شعراء غابوا لأنهم لم يستطيعوا تجاوز المرحلة التي وصلوا إليها بسبب محدودية الإمكانات الشعرية التي يمتلكونها.
وهناك أيضًا مَن غابوا مع غياب أو اختفاء مَن كان يقوم بتعديل قصائدهم بشكل دائم.
كل هذا يعطي دلالات واضحة على أن الوصول في ساحة الشعر الشعبي يمكن أن يكون سهلًا - ولكن المواصلة والحفاظ على المكانة التي وصل إليها الشاعر أمر متعب لمَن يعشق الأضواء وهو ليس شاعرًا، أو لمن يبيع الشعر بحثًا عن المادة - أو خيارًا صعبًا لشعراء حقيقيين، أو خيارًا متاحًا لأشباه الشعراء حتى لا ينكشفوا على حقيقتهم.