استعراض خيال الظل من خلال بعض المفاهيم المسرحية التي يقوم بها البعض للإبهار والإظهار، وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في سناب شات وتويتر وانستغرام، حيث يمارس عدد من المشاهير استعراضا قبيحا لمقتنياتهم وإشغال المتابعين بالتمظهر الفارغ على حساباتهم في مواقع التواصل، ولا اجد مبررا لذلك سوى ضحالة الفكر وعدم المسؤولية، إن تجارب هؤلاء في حساباتهم هي في الواقع لا تعبر عن واقع المجتمع الذي يعيشون فيه.
مسرح العبث الذي يعرض من خلاله هؤلاء أنفسهم يضع مجتمعاتنا الخليجية بصفة عامة في زاوية ضيقة فيما نفكر فيه ونهتم به، فبعض المشاهير ممن أتاهم الله سعة في الكسب يتعاملون مع المال بسطحية لا تقيم وزنا للمحتاجين، إذ يجدون متعة مرضية في التلاعب بالأموال وإهدارها في كماليات فارغة، إن الفجوة بين واقع هؤلاء المشاهير والمتابعين كبيرة جدا، فهذا الاستعراض والمبالغة خلق نوعا من الطبقية الاجتماعية، انعكست سلبا وجعلت هناك احساسا بالاحباط وبعدم الرضا بالواقع لدى البعض، لو استغل هؤلاء المشاهير شهرتهم في التبرع للجمعيات الخيرية والمؤسسات العلاجية والصحية وغيرها مما تتحقق معه معاني التكافل الاجتماعي، لكان أفضل.
الاستعراض المكثف بالأملاك والملابس والأموال، مؤشر لنقص ذاتي وخلل نفسي وهي محاولة للقفز على وقائع ماضٍ يتم إنكاره، ولا نجده في الواقع لدى كثير من مشاهير الغرب، في أي مجال كان، فنيا أو رياضيا أو اقتصاديا أو ثقافيا وغيره، فنحن على سبيل المثال، لم نر ممثلي هوليوود أو لاعبي كرة القدم العالميين يفتحون حساباتهم الاجتماعية ليتدفقوا بأمراضهم ونقصهم على متابعيهم.
في إحدى المرات استعرض ممثل عربي ساعة فخمة بعشرات الآلاف من الدولارات، فيما كان بيل غيتس، وهو أغنى رجل في العالم، يرتدي ساعة قيمتها 75 دولارا، وهذه المفارقة تؤكد أننا في حالة سلبية للغاية تجاه شهرتنا وعدم توظيفها فيما ينفع الناس والمجتمعات، واستغلالها لتفريغ الشحنات المرضية، وقد شاهدت مؤخرا مقطعا لممثلة لا يعرفها الكثيرون خارج نطاق وطنها، وهي تظن أن العالم كله يعرفها، وهي تتباهى بطائرتها الخاصة، فيما كان الأفضل لو أنها اشتهرت بعمل الخير وصرف الفائض مما لا تحتاجه من أموال على مشاريع وبرامج جمعيات النفع العام.
في تقديري، لا بد من تنظيم وتهذيب لسلوكيات المشاهير في المواقع الاجتماعية يحد من هذا العبث الذي يقودنا الى تمايز اجتماعي، ما يجعلهم يتسببون في أضرار اجتماعية، أي إنهم خطر حقيقي على المجتمعات وينبغي إيقاف ذلك الاستهتار بمشاعر غيرهم، فقد انحرفوا بشهرتهم الى درك يؤثر سلبا على المجتمعات.