هناك توجهات عند بعض المسؤولين الحكوميين ومديري العمل في القطاع الخاص، يجوز لنا تسميتها (بالعقد النفسية).. أركن إلى هذا الافتراض لأن تفسير سلوكهم فيما سنطرحه في الموضوع التالي، يقترب إلى هذه النتيجة، والقضية مفتوحة لمن يملك تفسيرات، وحلولا لهذه الأزمة المتجذرة.
بعض المسؤولين في القطاعات الحكومية والخاصة، وممن يعول عليهم تطوير إدارات العمل والتنظيم والتنمية، أحياناً لا ينخرطون في خطط تطويرية، إلا وعلى رأس الخطة الاستعانة بكوادر غير سعودية. وطبعا يشاع ان أحد أسباب ذلك هو الكلفة الرخيصة مقارنة بالسعوديين لكن هذه معلومة غير صحيحة، بل العكس من ذلك، فالتعاقد مع الوافدين، في بعض الحالات، يتم بأضعاف التكلفة مما لو كان الكادر سعودياً. ثم يتبادر للذهن ان عامل المهارة والخبرة وندرة التخصص قد يكون سببا في هذه الاستعانة، لكن المؤسف ان هذا أيضا غير صحيح تماما فمعظم التخصصات والمهارات في جميع المجالات متاحة لكن مشكلتهم تبرز في مأزق الثقة. والمشكلة ليست في الهدر المالي المترتب على هذا الخلل، بل في الهدر الإنتاجي والتنموي وأبعاد أخرى متفرعة عن ذلك. لدينا أيضا اشكالية مركبة في أداء هؤلاء، فبعضهم يقدم على قرارات تتسم، أحيانا، بالعبثية. وإذا غادر المنصب، يتطلب أن يبذل خليفته، جهوداً لإصلاح الأخطاء، ذلك لأن عنصر التراكمية في التطوير مفقود تماما في العملية التصحيحية أو التطويرية. بعض المسئولين، يعمد إلى نسف هيكلة التطوير السابقة بكل عناصرها الإيجابية والسلبية، لذلك تراوح خطط التطوير في معظم قطاعاتنا الحكومية مكانها رغم ما يصرف عليها من الملايين. عيوب التخطيط والإدارة يتفاداها غالبا المسؤول بعيد النظرة، الذي يملك قدرة على التنبؤ بالأخطاء والحوادث قبل وقوعها، حتى لا تصبح العملية الإدارية والتطويرية ضياع جهد في معالجة الخلل بعد حدوثه. وفي الأغلب أن كبار المسؤولين الذين شهد لهم التاريخ بالإنجازات التطويرية المفصلية لم يمتلكوا فقط هذه القدرة الفكرية، إنما كانوا يتمتعون بدرجة عالية من الأخلاق النبيلة. عندما يجتمع الدهاء مع الخلق النبيل في أي شخصية انسانية، فنحن أمام معادلة بشرية خٌلقت بإعجاز. ولأن المناصب تحتاج إلى مثل هذا النوع من القادة خاصة المناصب العليا والحساسة والتي ترتبط بمصير تغييرات تنموية واقتصادية للدولة فنحن بحاجة إلى هكذا مهارة في مسؤوليها، يلي ذلك في الأهمية المناصب المتوسطة في الهرم الوظيفي باعتبارها تحتل المركز الثاني في هياكل الإدارة والتطوير ومن خلالها ينفذ التغيير.