تبذل المملكة في سبيل الحج ما لا يمكن الإحاطة بتفاصيله من جهود جبارة تقوم بها جميع قطاعات الدولة، ولا يكاد ينتهي موسم للحج إلا ويبدأ الاستعداد للموسم القادم، وتبدأ الخدمات المقدمة للحجاج وهم في ديارهم، وقبل وصولهم إلى الديار المقدسة من خلال سفارات وقنصليات المملكة المنتشرة في جميع انحاء العالم، كما تعتبر توسعة الحرمين الشريفين اعجازا معماريا فريدا، سواء من ناحية سعة المكان، أو من ناحية روعة التنفيذ وإتقانه على أعلى المواصفات المعمارية، بما في ذلك من خدمات مساندة لتوفيرالراحة للحجاج والمعتمرين والزائرين لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. حتى أصبحت محل استحسان وتقدير كل المسلمين في العالم.
ولا شك أن الخدمات المقدمة لملايين الحجاج في أيام معدودة وأماكن محددة أمر ليس بالسهل، بل هو أمر لا مثيل له في أي مكان من العالم، بنفس القدرة على السيطرة، وتسيير هذه الملايين من البشر بانتظام وانسيابية تثير العجب والإعجاب، وتبعث على الدهشة والتقدير، فالزمان والمكان محدودان، ومع ذلك فإن النجاح هو سمة موسم الحج في كل عام، مما يؤكد حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في خدمة الحج والحجاج، والبذل السخي الذي تقدمه في هذا المجال، بعد أن يسر الله لها كل السبل للقيام بهذا الواجب على أفضل وجه، بما في ذلك: عزائم الرجال، وقوة الاقتصاد، وقبل ذلك وبعده الإيمان بهذه الرسالة التي منّ الله بها على هذا الوطن لخدمة دينه.
وفي هذه الأجواء الإيمانية المحاطة بكل وسائل الأمن والسلامة، يؤدي المسلمون فريضة الحج، بلا رفث ولا فسوق ولا جدال، فالرحاب المقدسة، لا يمكن النظر إليها إلا بكل إجلال وطمأنينة، حتى يكتمل أداء الفريضة بنفوس راضية مطمئنة، غايتها الحج المبرور والذنب المغفور الذي يعود الإنسان بعده إلى دياره نقيا طاهرا، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وإنما هي الطاعة الخالصة لوجه الله، والاستسلام له في أيام معدودات، تطمئن فيها القلوب، وترضى فيها النفوس، ويتجدد فيها الإيمان، ويستقي فيها العبد من فيض بركات خالقه ورحمته ورضوانه.
والمؤسف أن هذا النجاح المنقطع النظير، قد أثار حفيظة الأعداء الذين لا يريدون خيرا لهذا الوطن ومواطنيه، وذلك بالقيام بمحاولات بائسة ويائسة لإثارة الفتنة والشغب والقلق بين ضيوف الرحمن، دون احترام لقدسية المناسبة، أو تقدير لواجباتها التي تفرض الانصراف للعبادة، وليس الترويج لمبادئ باطلة ودعاوى مغرضة.. لم تعد أهدافها الخبيثة تخفى على أحد، وهذا أمر لا يدل إلا على سوء النية وخبث الطوية، والانحراف العقدي، والجنوح إلى الشر، في أماكن تستوجب الأمن والطمأنينة لأداء هذه الفريضة بيسر وسهولة، لكن يقظة رجال الأمن، وحرص المسئولين في كل المشاعر المقدسة، ستظل بالمرصاد لإفشال كل محاولات الإساءة للحج، وتعكير أمن الحجيج. والله غالب أمره.