كل الأشجار الضخمة في الغابة كانت كامنة الوجود في قلب بذرة صغيرة، والطيور كانت ترقد داخل البيضة، وخبرات حياتك وظروفها تكمن بداخلك، لذلك فإن حياتك تتجه دوما نحو أكثر شيء تحبه في داخلك، وستقابل في حياتك ما يتولد عن أفكارك، وليس هناك حظ أو مصادفات في عالم يحكمه قانون العدل الإلهي، فالمرء يرتقي دوما إلى مستوى الطموحات المسيطرة عليه، أو ينحدر إلى أدنى مستويات التصور المتدني للذات.
ليس القدر هو ما يرسل شخصا إلى السجن، أو يوقعه في مأزق ما، فهذا نتيجة لتفكير سوداوي يتبناه الشخص في قلبه، وعندما يصل عقله إلى درجة التشبع بتلك السلبية فإنها تتجلى في ظروف خارجية تتخذ شكل الحظ التعيس، ولذلك فإن مقولة «كما ينوي المرء يكون» هي من أصدق ما يعبر عن حياة الإنسان، فالإنسان هو المسؤول عما يحدث في حياته من جيد أو سيئ، وكل فكرة تتعامل معها على أنها حقيقة أو تسمح لعقلك الواعي بأن يؤكدها فستنغرس في عقلك الباطن وتزدهر في صورة فعل عاجلا أو آجلا، وتحمل نتيجة تجليها المادي في صورة فرص أو خبرات، فالأفكار الجيدة ستثمر خبرات ومواقف جيدة، والسيئة ستثمر تجارب او علاقات غير مرضية.
لا بد أن نواصل مراقبة الأنماط الفكرية التي نقدمها لعقولنا الباطنة، لأن العقل يسير وفق الصور الذهنية التي نرسمها، وهنا تأتي أهمية الدعاء والأذكار اليومية التي تملأ العقل بصورة مستمرة بتأكيدات ملهمة متصلة بخزائن اللامحدود والأبدي، ومناقضة للاعتقادات الخاطئة المقيدة.
يعيد الجسم الإنساني التشكل في كل ثانية، ولذلك فهو التعبير المجسد عن طبيعة أفكار صاحبه، ومنذ اكثر من مائتي سنة اثبت الدكتور فينيس كويمبي أن الجسم يتحرك كما يطلب منه العقل، وحسب الأسطوانة الانفعالية الداخلية، فهو يعزف معزوفة حب أو لعنة كراهية، وليس للأمراض ذكاء أو قوة لإيذائنا، بل هي نتيجة لسيروة تفكيرنا، واذا استوعبنا هذا الأمر فسنتحرر من الخوف ونتحلى بسحر الإيمان العميق وبقوة النوايا الخيرة، وعندما يغير الإنسان تفكيره سيغير جسمه لأن الجسم عبارة عن تمثيل مكثف للعقل.