بالصدفة وأثناء مشاهدتي أحد البرامج التي تُعنى بالشعر الشعبي، لفتت نظري حالة النرجسية والغرور التي طغت على حديث أحد أولئك الشعراء المشاركين في تلك الحلقة، تعجّبت مليًّا من تلك العبارات التي يُثني على نفسه من خلالها، وتلك التخيّلات والمفاهيم والأوهام التي يعبّر فيها عن شخصيته، دون أن يترك للآخرين حرية تقييم ما يُقدّم. ومن الاعتقادات التي أوردها في محور حديثه أن ما يُقدّم من شعر يصنف من وجهة نظره أنه أعلى وأرقى من الجميع، وبالرغم من هذه الخيالات التي تدور في أفكار هذا الشاعر، ويرى عبرها أنه يقدم نجاحًا غير محدود وكذلك شعوره بأنه فوق النقد.. وعند تتبّعنا لمسيرته الشعرية التي أسهب في الثناء عليها لم نجد له تجربة شعرية مميّزة وثرية تستحق الوقوف عندها ولا حتى نصوصًا توجد فيها قيمة فنية.
ومن المفترض والواجب علينا أن نكون أكثر صراحة وأن نقدّم النصح لمن أصيب بمثل هذه الحالة المتقدمة من الغرور ونؤكد له أنه ليس من المقبول أن تفرض على المتلقي أن يعجب بك كإعجابك بذاتك، وأن لكل إنسان ذوقه وخياراته التي تحددها ذائقته، وليس من خلال النغمات والزخرفات اللفظية التي لا تمت الشعر بصلة تُذكر، ومن المهم إيصال المزيد من الإيضاحات للشعراء المعجبين بأنفسهم، عليهم بأن يعلموا أن مَن يبالغ في رفع سقف مديحه لشعره بأنه سيقضي الكثير من الوقت ما بين الغرور والجهل الثقافي ولن يحالفه النجاح في حياته أبدًا.
من أبياتي
يا صاحبي تتساقط دموع وأقراب
من عين من يغتال حلمه صديقه
وصاروا الأحباب في حكم الأغراب
يعيش عمره واقع ما يطيقه