رياض الخبراء، مكان وادع وجميل في منطقة القصيم قبل أن أزورها منذ مدة سمعت عنها أول مرة من أحد الأصدقاء، الذين جمعتني بهم ظروف العمل لسنين طوال في الغربة، وللطف الرجل وجميل معشره أصبح لديّ صورة جميلة وإنسانية رائعة عن منطقته رياض الخبراء. نقاء ووداعة وبساطة في الناس وحياتهم واهتماماتهم وأنشطتهم. وحتى بعد زيارتي القصيرة لبعض الأصدقاء فيها خلال الشتاء الماضي، استمرت تلك الصورة الهادئة المحببة في روحي ووجداني إلى أن فجعني خبر مقتل فهد الخضير أبو عزام، الذي قضى حرقاً في ملحق منزله فجر يوم 23 يوليو الماضي، وتساءلت مثل غيري من السعوديين والسعوديات عن سبب قتل ذلك الرجل المسالم، كان الخبر ابتداء صدمة اجتماعية للناس في المملكة، وما ضاعف المصيبة أن وسائل التواصل الاجتماعي للأسف أخرت الوصول لأي صورة واضحة عن سبب الحادثة، وأخطر من ذلك ظهر عبر وسائل التواصل انقسام غير حميد في توقع مَنْ يكون وراء هذه الحادثة البشعة. الكل يجرّم ويدين الارهاب، وفي ذات الوقت لا يخفي غمز قناة فريق اخر وهذا من الأسباب العميقة وراء بشاعة ما حدث. الصدمة اللاحقة جاءت بعد إعلان الجهات المختصة عن ان القاتل للخضير من أفراد أسرته، بل ان القاتل هو ابن الضحية. حقيقة الأمر كانت صدمة، وان لم تكن المرة الاولى التي يقتل فيها ابن احد والديه. الفرق ان هناك امنيات األا نتعامل مع هذه الحادثة كما تم التعامل مع أحداث سابقة، مشابهة، بمعنى اخر لماذا لا نضع هذه الحادثة تحت مجهر المجتمع، الابناء، الأمهات، الاسر، اساتذة علم النفس والاجتماع في الجامعات ومراكز البحوث، في الدوائر المختصة والمسؤولة، امام الكتّاب، الصحفيين، برامج الاذاعة والتليفزيون، وشبكات التواصل الاجتماعي. القاتل الآن في قبضة العدالة، ومن المؤكد ان العدالة ستأخذ مجراها، ولكن لماذا لا تستفيد كل هذه المسارات الاجتماعية من هذه الحادثة، أعرف ان القاتل صغير السن (17) سنة، وقد لا تكون لديه القدرة على الإفصاح والإبانة بالطريقة التي قد تكون مفيدة للكل، ومع ذلك قد يكون من المفيد أن يكون متاحا بشكل ما للناس ليس ليُصنع منه نجماً، بقدر ما هو الاستفادة وأخذ العبرة مما تعرض له، اما من مرض وخلل ذهني، او عقلي، او تغرير وتأثير من جماعات منحرفة اخلاقيا وفكريا. حالة الاقتراب قد تكون واحدة من الدروس التي تصحح من مفاهيمنا الاجتماعية عن بعضنا، خاصة لدى مَنْ يعتقد ان المجتمع تيارات، هؤلاء وبعد انكشاف الامر وحقيقته، احسب انهم بحاجة الى مراجعة بعض ما فكروا به ووسموا به مجتمعا هادئا آمنا. بعبارة اخرى الحذر من تلك الطروحات الواهنة التي تقسّم المجتمع في الأزمات. أطيب العزاء لنا جميعا سعوديين وسعوديات في مواطن خسرناه بصورة مؤلمة، وعزائي الشخصي لزميلي واخي وصديقي، الذي ولَّد لديّ علاقة جميلة مع رياض الخبراء وأهلها، وأسأل الله ألا نسمع عنهم في قادم الأيام إلا الخير.