لست أدري ما الفائدة من استعراض البعض قدراتهم المالية والشرائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟. هل هي عقدة نفسية تُغطى بالأموال؟! هل هي الشوفينية (التعصب) الهياطية؟!. ماذا يستفيد صاحب الزعاطة وليس السعادة حين يقدم للناس آخر مقتنياته من السيارات أو الساعات أو المجوهرات أو حتى الزخرف من الديكورات والأثاث للقصور. كل ذلك لم يفعله أو حتى يفكر به بيل غيتس وهو أغنى رجل بالعالم حيث يملك حاليا 90 مليار دولار (337 مليار ريال سعودي). إن مشكلة التفاخر بالكماليات هي مشكلة تظهر للسطح بشكل متكرر ومقزز ينفر منها العاقل اللبيب. وكلما ظننا أن تلك الظاهرة تقهقرت، ظهرت مرة أخرى وبصورة أبشع لما فيها من التفاخر المذموم. والأسوأ أن البعض منهم لم يبذل أي جهد في جمع ثروته، بل هبطت عليه بطبق من ألماس، وصدق من قال: ليس الفتى من يقول كان أبي *** إن الفتى من يقول ها أنا ذا ودعونا نوضح نقطة مهمة ننطلق منها وهي أنه هنا فرق كبير بين ما جاء في الحديث «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده»، وبين التفاخر الزائف والهياط والزعاطة. وتلك الظاهرة لا بد من التنبيه عليها ودراستها لأنها ليست مسألة ثانوية أو جانبية هي قضية تطفو للسطح وعلينا مراجعتها وتصحيحها اجتماعيا وسلوكيا، وذلك لعدة أسباب، منها: أن زوال النعم مرتبط بالتفاخر بالمقتنيات الكمالية والبذخ والتبذير. والتاريخ قديما وحديثا خير شاهد على ذلك. فقد قالت باستخفاف واستعلاء ماري أنطوانيت (ملكة فرنسا): إذا لم يكن هناك خبز للفقراء، دعهم يأكلون كعكا. فكيف كانت نهايتها؟! ويقال إن مُقاتل بن سليمان وعظ الخليفة المنصور يوما، فقال له: إن عمر بن عبدالعزيز أنجب أحد عشر ولدا، وترك ثمانية عشر دينارا، وهشام بن عبدالملك أنجب أحد عشر ولدا، وكان نصيب كل واحد منهم ألف ألف (مليون) دينار، والله لقد رأيت في يوم واحد أحد أبناء عمر بن عبدالعزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله، وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق!! ولو انتقلنا إلى الحاضر، فالبعض منا يتناقل قصة (الله أعلم بصحتها) لكن الواقع يُصدقها، حيث قال أحد الميسورين ماديا من إحدى الدول العربية: كيف يأتينا الفقر ونحن نملك النخل والزرع والنهر وباطن الأرض مليء بالذهب الأسود؟!. واليوم انظروا إلى حال بلادهم حيث الفرقة والنزاع والشقاق والطائفية المقيتة. لقد فقدوا نعمة الأمن والأمان، فضلا عن نعمة وفرة الطعام والشراب التي كانوا يوما يتفاخرون بها. ونقطة أخرى بالغة الأهمية، وهي أن علينا مراعاة ظروف بعض الدول العربية التي من حولنا، والتي تعاني من الفقر والاحتلال والحروب والمجاعات والأمراض، والبعض في المقابل يتباهى بالكماليات نهارا جهارا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتلك قاصمة جارحة لمعاني الأخوة في العروبة والدين. فأين الإحساس بالآخرين فضلا عن مد يد العون لهم!!. ختاما.. نحن لا نقول لا تتمتع بنعم الله عليك، ولكن قليلا من الإحساس والاحترام لشعور الآخرين، فضلا عن مساعدتهم. ما ضرك أن تتمتع بسيارتك أو يختك أو قصرك بنفسك ولنفسك بدون علانية؟! نعوذ بالله من زوال النعم وتبدل الأحوال.