الإخوان المسلمون وحواشيهم وأتباعهم يعيشون وهم الربيع العربي، يعانقهم الانتهازيون الذين يتمسحون بالدين، وهم براء من أي طهر. وعلى الرغم من الهزائم الماحقة التي منيت بها هذه الكائنات المولعة بتسييس الدين، وعلى الرغم من فشلهم الذريع لا يزال الإخوان المسلمون وحواشيهم في سكرتهم يعمهون، ويتخيلون أن الشعوب العربية سوف تهرع إلى الشوارع وترفعهم على الأكف وتنصبهم على التيجان وعروش الحكم، وعلى الرغم من أن الربيع قد صادره الإخوان المسلمون أنفسهم، وحولوه بانتهازيتهم وسوء تدبيرهم، إلى فوضى وخراب ودمار وفشل ذريع وسوء كيل وعمى بصائر وأحد أكبر البلايا والهزائم في تاريخ الأمة ولا يقل عن هزيمة يونيو 1967.
في أجواء الضياع والفشل التي يعيشها الإخوان المسلمون راهناً، حقبة تحالفت ميليشيا البذاءات الوضيعة وميليشيا قيح الأحقاد وبدأت تتبادل الخدمات والمنافع والسموم، فهذا يعد الكرة والآخر يهدف في المرمى. وفي موضة المصادرات، انتزع الإخوان، بجدارة، الحقد على المملكة من المتأزمين البائسين الغوغائيين القوميين العرب، ليتصدى الإخوان، لا غيرهم، للمهمة «السوقية» وكيل الشتائم للمملكة، ونسوا أن المملكة هي التي آوتهم حينما ضاقت بهم السبل وتاهت بهم الدروب، قبل أن يبدلوا جلودهم وقبل أن ييمموا الخبيث منه ينفقون وقلوبهم هواء.
يوجد كثيرون، من الإخوان وميليشياتهم وحواشيهم، ابتلاهم الله بالنفس الأمارة بالسوء وتلبسهم عفاريت العداء للمملكة، وكانوا يبثون سمومهم بتوار وحينما تتاح الفرصة، ويركلون من تحت الطاولة غمزاً ولمزأً، لكنهم في الأزمة الأخيرة بين قطر والدول العربية، نهضوا، جذالى مرحين، يشتمون المملكة بالذات بأعلى وأعلن الأصوات. وهذا قصدهم ومقصدهم بل ومنتهى أحلامهم، لكنهم في نفس الوقت، ومن باب انتهازية المنافع، يذودون عن «نهضوية» قطر وديمقراطيتها وطليعيتها وتقى اردوغان الولي المصلح الصالح وزهده المبرح المشهود.
يوجد ثلاثة، بين هؤلاء الكثيرين الواسعي الذمم، خصهم بالله بالوضاعة وسوء الخلق والطوية، هم عزام التميمي وهو خميني الهوى وانتهازي قميء، ومحمد المختار الشنقيطي الذي لا يقل وضاعة، وكويتي مرجف وأحد أسوأ مناكير الخليجية المتشخصة. هؤلاء يكرهون حتى أنفسهم لو لم تعيا الشياطين. وقد بدأت أيامهم الذهبية والفرصة التي لا تتكرر، في الترويح أولاً عن أنفس شريرة مكبوتة، وبث شجون مريضة عن المملكة، فكل قناة فضائية يحلون بها، وهم مطلوبون وسوقهم (وسوقيتهم) رائجة هذه الأيام، يقدمون «وصلات» من آراء منسوخة من أمراض وألسن وطوايا باتت معروفة وشهيرة. ويقدمون صورة تناظرية تتكرر في كل القنوات الإخوانية، تبدو فيها قطر قوة عظيمة حكيمة محنكة وثابتة منتصرة متفوقة ومخلصة وشجاعة وناهضة وطودا مهيباً، تملي على رؤساء أمريكا وأوروبا والعالم رغباتها ويلبي بنو الإفرنج وكلومبوس وهم صاغرون. وخص الله الدوحة، بعقول راجحة ليست موجودة في أي دنيا (حاشا العقل الإردوغاني) وحلفاء أتراك (وأحياناً إيرانيين) عظماء مخلصين يفدونها بالروح والدم وباسطنبول وأنقرة. وفي المقابل يصورون المملكة ومصر والإمارات والبحرين، بلدانا بائسة مهزومة خاسرة كسيحة تعصف بها الرياح ومهددة بالتفتت والتدمير والتشرذم والفشل والاهتراء، وبانهيارات اقتصادية والموت جوعاً وعطشاً ومصابة بطواعين متنوعة وتتوسل العالم وهي رماد، وشعوبها تتحين الفرصة للثورة والإطاحة بحكامها، ثم تسود وجوه، وتشخص الأبصار المنتظرة في الإخوان المسلمين المباركين المرحى، درة الدنيا ومنتهى المترجى، وهم يتلقون المبايعات على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى ألا ينازع الإخوان في الحكم، وهم أهله. ثم، كما يوحون، يبدأ عصر فجر جديد، وتبيض وجوه ولكل نفس ما كسبت، ويتولى التميمي والشنقيطي وأضرابهما، مهمة إعادة صياغة عقل الأمة العربية ليكون مزيجاً من الإردوغانية والخمينية وبهارات من خبائث الانتهازية الإخوانية العربية.
* وتر
يا هذا الوطن، الأبي،
يا وطن شم الراسيات،
والمآذن ورسالة النور الخالدة،
كم من الخناجر المسمومة الغادرة مشرعة؟،
كي تغرز في الأمشاج
وفي خمائل الرمش..
وكم الذين يستبد بهم الأرق، كلما لمع نجم وضاء في سمائك؟
يا وطن الأقمار والنجوم.. والأعالي.
دمت منيعاً عزيزاً شاهقاً ناهضاً كما عهد هو الوعد والعهد.