استوقفني وآلمني مشهد لأحد عمال النظافة (البيئة) وهو يعمل في النهار خلال هذا الفصل من السنة الذي تشتد فيه الحرارة والسماء ملبدة بالرطوبة، وكذلك حرارة الأسفلت من تحته ومن حوله، اجتمعت عليه ليصبح المسكين كأنه منشفة مبللة بالماء!
البعض منهم يرتدي المظلة البيضاء فوق رأسه وتلك مبادرة حسنة ويشكر عليها المقترح والداعم لها، ولكن أليست هناك حلول أخرى؟ مثل تعديل أوقات العمل بما يتناسب أكثر مع طبيعة الأعمال اليدوية التي هي معرضة مباشرة للشمس. صحيح أن هناك نظاما يمنع العمل في فترة الصيف خلال أوقات الذروة من الساعة 12 ظهرا إلى 3 عصرا، ولكن هناك أيضا اقتراحات للتطوير والتحسين.
من الملاحظ أنه خلال فصل الصيف من هذه السنة تم تسجيل أرقام حرارة ورطوبة مرتفعة وقياسية، فلابد من النظر في تعديل ساعات العمل للأعمال اليدوية والذين يتعرضون إلى أشعة الشمس بشكل مباشر، ولتكن مثلا ساعات العمل فجرا حتى العاشرة صباحا، والفترة المسائية تبدأ من بعد الساعة الخامسة مساء. والمشاهد والملموس أن حرارة الشمس المرتفعة تبدأ من العاشرة صباحا وحتى الرابعة عصرا.
وكذلك تعديل المدة لتصبح أربعة أشهر منذ بداية شهر ستة (يونيو) إلى نهاية تسعة (سبتمبر) ميلادي، حيث تسجل في خلال هذه الفترة أعلى درجات الحرارة والرطوبة في المنطقة.
أعتقد أن على القطاعين العام والخاص النظر في هذه المسألة من جانب إنساني ومعنوي، حيث إن كثيرا ممن يعملون في المهن اليدوية يعانون غربة وفقرا وحرا، وربما وللأسف معاملة سيئة ومهينة من البعض.
وحتى لو نظرنا إليها من جانب اقتصادي، فالمطلوب هو تعديل أوقات العمل وليس تقليل عدد الساعات، وهنا يأتي دور تنسيق الأعمال والجهود وجدولة المهام بما يتناسب مع الظروف المناخية. وقد رأيت بعضا من العمال والمهنيين في مجال الأعمال الإنشائية يعملون في ساعات الليل بدلا من النهار أثناء فترة الصيف، وكذلك خلال شهر رمضان، فالمسألة ممكن تطبيقها.
الأمر الآخر أن جزءا من المسؤولية يقع علينا نحن أيضا! فالمشاهد لبعض الطرق العامة وكذلك الطرق السريعة يجد أن عمال النظافة (عمال الحفاظ على البيئة) يلتقطون أكياس البلاستيك، وعلب المشروبات، وأوراقا وغيرها متناثرة على جانبي الطريق، فكيف وصلت إلى هناك؟ ألسنا نحن المسؤولين عن ذلك؟!.
وأني لمستغرب ومندهش في عصر الانترنت والهواتف الذكية والاهتمام بآخر صيحات التطبيقات (تويتر، سناب، انستغرام، واتس اب) وما زال البعض منا يرمي مخلفات من السيارة أو على الأرصفة أو الحدائق العامة. فتلك أبسط قضايا النظافة وحماية البيئة؟ ويستطيع الواحد منا الاحتفاظ بكيس بلاستيكي صغير للنفاية في السيارة أو أثناء التنزه، وذلك يعد سلوكا حضاريا أكثر من الحرص على معرفة وتحميل وتعلم اخر موضة في تطبيقات الجوال. وهو أيضا من باب «إماطة الأذى عن الطريق صدقة» الذي كنا نحن السبب فيه أصلا!!
أعتقد أن القرارات في هذا الشأن لابد أن نراعي فيها الجوانب الإنسانية وأن تُحدث وتُعدل حسب الظروف المناخية. كذلك سلوكنا الحضاري كمجتمع هو المعيار وليس ملاحقة آخر موديل أو تطبيق على الجوال!