في مقالات سابقة تم نشرها ركز الكاتب على ذكر وتأكيد مسألة التحول السريع فيما يخص معالم الاقتصاد الداخلي، وما ينشأ عن ذلك من احتياج لرفع وتيرة الاستجابة والاحتواء لما يحصل والحاجة الفعلية لرفع القدرة على اتخاذ القرار الذي يكون في أغلب الأحيان جذريا للمنشأة.
وهذه المرة النقاش أو الطرح أيهما أنسب عن دور الموارد البشرية في المساهمة في عملية الاحتواء والتكيف التي تحتاجها المنشأة، ومدى مساهمتها فيما يخص الجوانب المؤثرة ماديا وخاصة الجانب التشغيلي. تفعيل دور الموارد في الجوانب السابقة يكون عبر المشاركة الفعالة في خفض التكاليف الحاصلة، وبالمقابل رفع مستوى الأداء في عمومه، ويكون هذا التطبيق عبر أكثر من ممارسة مطروحة منها على سبيل المثال لا الحصر، تطبيق تخفيض القوى العاملة وتغيير الهيكلة الداخلية المعتمدة لهيكلة أكثر شمولية وأقل تكلفة في اختصار للدرجات الوظيفية مع مراعاة العدل وعدم تأثر سير العمل. في الجانب الآخر يأتي استقطاب الكادر البشري ذي القيمة العالية حسب المعرفة السوقية والخبرة بما يناسب خطة رفع المحصلة النهائية للمردود المادي بما يتناسب ونشاط المنشأة بالطبع. واخيرا وليس اخرا العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من الكوادر الموجودة عبر أكثر من ممارسة إدارية فعالة قد تطرح منها ما يمس برامج التطوير والتدريب ومعرفة مكامن القوة والضعف نزولا على مستوى الأفراد.
إعادة القراءة لسياسات المنشأة والموارد البشرية خصوصا هي الخطوة الأساسية في تحديد مجال الفعالية التي تمارس فيها نشاطاتها، والتأكد من توافق الأهداف والخطط الإستراتيجية بما هو على أرض الواقع. هذه الممارسة تعفي الموارد البشرية من الإرث الإداري الذي تحمله من الإدارات السابقة إن وجدت وتبعدها عن التشتت في مسائل علاقات الموظفين كعمل روتيني الى ما هو مفترض منها تأديته موارد بشرية وإدارة حيوية.
عند إعادة تحديد المهام من عمل يومي مطلق إلى تجربة متجددة تمارس كل مرة بتعاريف مختلفة سواء أكانت إستراتيجيات أو تحقيق البدائل أو تحسين المستوى العام للوظيفة والموظف، فإن المساهمة تأتي بشكل ذي قيمة وتميز. هذه الجهود مضافة لأداء مرتفع من إدارات حيوية اخرى كالإدارة المالية والمراجعة الداخلية تعيد مفاهيم البناء وجودة المخرج النهائي إذا خلق أيضا جو التناغم المطلوب مع الإدارات الاخرى.
ما سبق، هو طرح عام لما يجب أن تكون عليه إدارة الموارد البشرية في سعيها للتميز والفاعلية. الوضع الحالي من أكثر الأوضاع ملاءمة لمثل هذه المبادرة اخذا بالاعتبار التغيرات السريعة الحاصلة. احتواء المرحلة القادمة بدلا من التهرب وإيجاد حلول قصيرة المدى هو ما تحتاجه المنشآت لضمان الاستمرارية وفي نهاية الغربلة الحاصلة فالبقاء سيكون للأصح والاقوى، وللأمانة فهذا علامة الاقتصاد السليم والفعال. وفق الله الجميع.
