DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الشباب ومراجعة سياسات التشغيل

الشباب ومراجعة سياسات التشغيل

الشباب ومراجعة سياسات التشغيل
أخبار متعلقة
 
تحت شعار (الشباب والسلم والتنمية في عالم متضامن) عقد اجتماع الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي في جمهورية كوت ديفوار الأسبوع الماضي. ومن بين الكلمات العديدة التي ألقيت في الدورة، تميزت الكلمة التي ألقاها الدكتور بندر حجار رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بتركيزها على الشباب والعمل والبطالة في الدول الإسلامية، حيث أوضح في كلمته أنه من بين الشباب البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة في العالم يعيش 500 مليون منهم أي نحو 28.5 في المائة بالدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي وهناك 73 مليون شاب عاطل عن العمل في دول المنظمة، داعيا إلى تمكين الشباب اقتصاديا من خلال تعزيز مراجعة سياسات التشغيل ونوعية التعليم وإنشاء حاضنات الأعمال لبناء قدرات الشباب في ريادة الأعمال وتسهيل تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحسين بيئة الأعمال التجارية ودمج الشباب في برامج التنمية الاجتماعية. وعند الحديث عن سياسات التشغيل في دول المنطقة، يلاحظ أن العديد من المؤسسات الدولية تدعو بالفعل لتطويرها بصورة أكبر لمواكبة الأوضاع الراهنة، خاصة في ايجاد الوظائف للمواطنين ولكن دون الإضرار بسياسات العمل الحر ومرونة الأسواق أو فرض قيود على العمل والرواتب. إن أهمية مراجعة سياسات التشغيل تنبع مما تتسم به تركيبة السكان سواء في دول المنطقة أو في الدول الإسلامية عموما بارتفاع معدل أعمار الشباب الداخلين إلى سوق العمل، مما يعد تحديا خطيرا أمام القدرة الاستيعابية لأسواق العمل، كما تغذي هذه الظاهرة معدلات البطالة في هذه الدول. كما أن نمط التنمية الذي يعتمد على الصناعات الثقيلة المشتقة من النفط والمعتمدة بدورها على رخص المواد الأولية وكثافة الأيدي العاملة الأجنبية الرخيصة تدعم هذا الوضع وتغذيه. وتقدر إحصائيات أوردها معهد التمويل الدولي أن معدلات البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتراوح ما بين 13% إلى 18%، بينما ما نسبته 37% من السكان في هذه الدول تقل أعمارهم عن 15 سنة و 58% تقل أعمارهم عن 25 سنة في حين تزداد قوة العمل 3% سنويا. لذلك فإن التحدي الأكبر الذي يواجه صانع القرارات هو ارتفاع معدل البطالة والذي يزيد بمعدل الضعف عن ما كان عليه قبل 10 أعوام. وفي مقابل ظاهرة ارتفاع البطالة في صفوف الشباب، برزت ومنذ سنوات طويلة برامج التوطين التي أخذت مسميات شتى زادت اهميتها بعد تراجع الإيرادات النفطية، حيث بات واضحا أن دول المنطقة لن تعيش عصرا ذهبيا مستمرا، وانما يجب ان تستعد لدورات من شد الأحزمة، وبالتالي، لا بد من إعادة النظر في نماذج التنمية التي تم تبنيها آنذاك والقائمة على مجتمع الرفاهية. أحد الأمور الهامة التي فرضت نفسها لإعادة المراجعة هو زيادة أعداد الجامعات والمعاهد والطفرة الكبيرة في خدمات التعليم الثانوي والجامعي، حيث بات يخرج مئات الآلاف من الشباب الباحث عن فرص عمل ملائمة في حين امتلأت أسواق العمل بالعمالة الأجنبية الرخيصة. إن مراجعة سياسات التشغيل تنطوي على أمور عدة من بينها إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في أسواق العمل، لكن أهم تحد يواجهه في تحقيق هذه المهمة، هو موضوع كفاءة وإنتاجية العمالة الوطنية. وهذان العنصران أي الكفاءة والإنتاجية لن يتحققا الا من خلال التعليم والتدريب والممارسة التي تقود بالنتيجة الى الاحتراف المهني. فالقطاع الخاص يهدف الى زيادة العائد من الاستثمار في التنمية البشرية. ومن هنا تتضح العلاقة الجدلية بين التطوير التوظيفي من جهة والتوطين من خلال الاحتراف من جهة أخرى على مستوى الاقتصاد الجزئي. أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فان تفعيل سياسات التشغيل يتطلب تحسين انتاجية الاقتصاديات الخليجية ككل، حيث إن هذه الاقتصاديات مطالبة بتحسين مستوى إنتاجيتها وكفاءة أدائها كسبيل لزيادة معدلات النمو الاقتصادي. وبالتالي تعزيز مستوى الدخل للمواطنين وتحقيق الرفاهية المنشودة. وهذا بدوره يتطلب أيضا تحسين مستوى إنتاجية وكفاءة المنشآت والقطاعات العاملة فيه. أي بمعنى اخر إنتاجية وكفاءة المواطنين العاملين والقائمين على إدارة هذه المنشآت والقطاعات. وهذا لن يتحقق الا من خلال الاحتراف المهني القائم على العلم والمعرفة والتخصص والممارسة. كما تنطوي مراجعة سياسات التشغيل أيضا على الحفاظ على مرونة أسواق العمل التي تواجه الكثير من التحديات، حيث إن التوطين بمفهومه المتداول هو إحلال العمالة المواطنة محل العمالة الوافدة لمنحها فرصة العمل في وطنها. وهذا حق كفله الدستور وعلى الدولة بهيئاتها ومؤسساتها ودوائرها ان توجد فرص العمل للمواطنين. ومن اجل ذلك، فإن الدول المتقدمة ومن خلال فهم دقيق لمعنى وأبعاد التوطين، تولي هذه القضية اهتماما كبيرا ومن اجلها تشرع القوانين وتسن التشريعات، وتضع الاستراتيجيات والسياسات التي تحقق التوطين الحقيقي على صعيد الإنسان والاقتصاد والوطن. أما في دول العالم الثالث، فان هذه القضية لم تحظ لديها بعد بالاهتمام المطلوب. وبالتالي كان من الطبيعي ان تتعرض هذه الدول لمخاطر عدم الاستقرار الاقتصادي. لذلك لا بد من إتباع نهج متوازن بين إصلاحات سوق العمل وجهود توفير وظائف للمواطنين من خلال برامج التوطين وذلك من خلال دعم مشاركة القطاع الخاص والتنسيق معه في وضع هذه البرامج وفقا لاحتياجاته ومتطلبات نموه. كذلك مراجعة برامج التربية والتعليم وبرامج التدريب التقني والمهني وتحفيز إدخال أنشطة جديدة في الاقتصاد توفر وظائف جيدة وذات قيمة مضافة وتخفيف الاعتماد على الأنشطة ذات الكثافة العمالية الأجنبية الرخيصة.