لم أكن أتصور أن هناك ما يقارب خمسين شركة ما بين محلية ودولية، متخصصة في نقل الطرود داخل المملكة. كنت أعتقد أن سوق نقل الطرود محتكر من قبل شركتين أو ثلاث شركات عالمية ذات شهرة. هذه النظرة الضيقة، تكاد تكون نظرة عامة لنا حول العديد من المجالات التي لا نجتهد في البحث عن بدائل لشركات محددة وذات علامات تجارية معروفة، فنحن لا نزال نمارس تلك الثقافة السيئة، ونتعامل معها على أنها من المسلمات، متجاهلين فوائد كثيرة قد نجنيها جراء بحث قصير عن البدائل. في الأسبوع الماضي، بعث لي صديق شحنة من الرياض، ثم وصلتني رسالة من البريد السعودي، تفيد بأن لي طردا واردا، وفي الرسالة رقم الشحنة والرقم السري وموقع المحطة التي يمكنني استلام الطرد منها، وفي الوقت الذي اختاره مهما كان متأخرا. في البداية.. اعتقدت أن هذا الصديق اختار البريد السعودي فقط لقلة التكلفة، وهذا من ظن السوء الذي لمت نفسي لاحقا عليه. اتبعت موقع المحطة الذي أرسلوه لي، ووصلت هناك بعد العاشرة مساء، وتفاجأت بعدم وجود موظفين، مما جعلني أسيء الظن ثانية. وعندما دخلت، وجدت آلة شبيهة بآلات صرف النقود، فاخترت اللغة وأدخلت رقم هاتفي ثم الرقم السري الذي بعثه لي البريد السعودي، فانفتح باب أحد الصناديق حيث كان طردي داخله. تلك التجربة دفعتني للتواصل مع مدير عام البريد بالشرقية الأستاذ أحمد البليهد، الذي أوضح لي بأن هذه الخدمة هي أحدث الخدمات التطويرية لمؤسسة البريد السعودي، وأن هناك 55 محطة في 26 مدينة نقلت ما يقارب ربع مليون شحنة منذ منتصف عام 2016. كل شيء قابل للتطوير، مهما كانت المنافسة، ومهما كان لدى المنافس من إمكانات ومرونة، ما دام أن هناك إرادة وتخطيطا. وإني لأجدها فرصة لمناشدة أصحاب المجمعات التجارية لتخصيص مواقع لمثل هذه المحطات؛ خدمة للناس ودعما للبريد السعودي..
ولكم تحياتي.