في ذروة الربكة دخلت الشقيقة قطر في معمعة الاصطلاحات الضبابية، في محاولة للملاوعة المحدودة النفس، لهذا أصبحت قطر فريسة للطامعين والمبتزين ومسوقي الوهم.
في هذه الأيام يردد الإعلام القطري وإعلام الظل القطري الذي ترعاه قطر، والإعلام المتقطرن، اصطلاحات مثل: «السيادة»، و«حرية التعبير»، و«الحقيقة». وهذه الأخيرة يختلف على تعريفها الكل إلى درجة أن كل إنسان لديه حقيقته الخاصة، حتى قيل إن الحقيقة وهم وغير موجودة.
وكل هذه التعابير مطاطة وكل يفسرها حسب نيته وذمته ومزاجه حتى فهمه. لهذا اختلفت البلدان في رسم حدود حرية التعبير.
المفكرون والمنظرون والمعنيون بضبابية المصطلحات والتعابير الغائمة خرجوا بمفاهيم تحاول رسم حدود للمطاطيات والضبابيات والغوائم، فقالوا: إن «حرية التعبير تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين»، مع أن مفكرا مثل جون ستيوارت ملَّ يعارض أية حدود لحرية التعبير، وهذا طبعا هراء محض.
وأيضا السيادة يمكن القول: إن «سيادة دولة تنتهي حينما تبدأ سيادة دولة أخرى». وفي العلاقات الدولية احتكم زعماء العالم عبر التاريخ إلى القوة لتحجيم السيادة ذات المفهوم الغاشم، فحينما قرر هتلر أن سيادته تشمل كافة أوروبا واستعباد العالم، شكل الحلفاء قوة جبارة لمواجهته، ودفعت ألمانيا ثمنا باهظا لطموحات هتلر وسيادته الهوجاء. وأيضا دفع العراق ثمنا غاليا لمفهوم السيادة في مخيخ صدام حسين الذي رأى أن السيادة تعني كل ما يمكن للجيش العراقي السيطرة عليه.
المسؤولون في الشقيقة قطر يتوهمون معنى للسيادة لا ينسجم مع حكمة أهل الخليج ووداعتهم، فالدوحة ترفض المطالب العربية الـ13 بحجة تهديد السيادة. بينما هذه المطالب تهدف إلى كف أذى «السيادة القطرية»، إذا ترى قطر أن السيادة تجيز تأسيس منابر وصحف وقنوات واستئجار إعلاميين يشتمون في الدول الأخرى ومسؤوليها ويحرضون على الفوضى والكراهية والفتنة والفرقة والتأجيج والعنف، وتخريب خطط وإستراتيجيات الدول لحماية أمنها الوطني ومكافحة طموحات الدول العدوانية. ويفترض أن تعرف الدوحة أن هذه التصرفات ليست سيادة وإنما هي عدوان يتصادم مع سيادات أخرى، ولا بد أن تحدث ردة فعل طبيعية وقد تكون قاسية. وهذا ما حدث بالفعل في 5 يونيو الماضي.
ولا نعلم متى ستدرك الدوحة الخطأ وتتخلى عن المزاج المغلوط وتعود إلى المفهوم الطبيعي والصحي للسيادة. ولا نعرف ما هو نوع ولون السيادة التي تجيز لبلد صغير وجار وحميم استقطاب سعوديين متزمتين حزبيا وتحريضهم على التمرد في بلادهم وتأجير مكينات إعلامية لشتم المملكة وقادتها والاستخفاف بجهودها وسياساتها. أو هجوم قنوات فضائية قطرية على مصر للوي ذراعها لأن الجيش المصري أطاح بحكم الإخوان. ولا نعلم ماذا يضر السيادة القطرية إن كان الحاكم في مصر مرسي أو السيسي، أو حتى مبدع التسالي توفيق عكاشة؟.
أخيرا.. أشفق على الذي اقترح أن تعتمد دولة صغيرة مثل قطر سياسة مناطحة دول كبرى، هي لا غيرها من يمنح قطر المقام الكريم، إما أنه ساذج أو أن نيته إغراق قطر في الرمال المتحركة.
*وتر
كلما مررت بملهمة الشعراء..
يبتدى ذو الرمة، شادي الدهناء الطروب
بيديه أقمار ونجوم وخزامى ندية
يلقي بضوئها في دروب السرى..
ويهديهم عطورا من أنفاس ومهج
وقصائد تواسي حزن المسافات..
وتروي ظمأ العطاشى..