تعوّد السياح السعوديون أن يقصدوا وجهات سياحية معينة في فترات المواسم، التي تكون فيها العطلات الصيفية، أو النصفية بين الفصول الدراسية، أو في المناسبات كالأعياد والعطلات القصيرة؛ ومعروف أن بلدان الخليج تجذب الزائرين من السعودية في تلك الإجازات القصيرة، خاصة إذا كانت أجواؤها قليلة الحرارة والرطوبة، أي لم تصبح تلك المناسبات في فصل الصيف غير المرغوب في هذه المنطقة.
أما في عطلات الصيف، فإن البوصلة تتجه إلى منطقتين بعيدتين نسبياً؛ هما أوروبا ذات الأجواء المناخية الألطف، وإن كانت مناطقها الجنوبية قد بدأت تقترب من درجات الحرارة لدينا، ويذهب إليها غالباً الأقدر مالياً، والأقل حجماً في عدد أفراد الأسرة، والأكثر قدرة على التأقلم مع الأوضاع الثقافية المختلفة في تلك البلدان. كما يذهب جزء من السياح إلى آسيا ذات الأجواء المعتدلة طيلة فصول السنة، ويتجه إليها ذوو الأسر الأكبر عدداً، والأكثر رغبة في العيش ضمن ثقافة قريبة من الثقافة العربية. وينحو عدد كبير من سياح الخليج تقريباً المنحى نفسه؛ فتصبح بعض البلدان أو المدن أو حتى بعض المواقع، التي يتعارفون على أنها جديرة بالزيارة، أو أنهم قد يلتقون بأبناء بلدانهم في تلك النواحي، مقصداً لكثير من الأسر، ويتبعهم في ذلك المسوقون من أصحاب مكاتب السفر التجارية ووكالات السياحة وشركات الطيران، التي تركز على تلك الوجهات المقصودة في دعايات متنوعة ومكثفة.
ففي بعض السنوات تخرج لنا ضمن الوجهات المقصودة بلدان جديدة، تنشرها تلك الدعايات، المتمثلة في إعلانات تجارية، أو أحاديث متناقلة لبعض زرافات السياح، الذين تغريهم الوجهات الجديدة، مثلما يندفعون إلى افتتاح مطعم جديد، أو سوق يتناولون في مجالسهم سعته أو تميز محلاته التجارية وغير ذلك من المغريات لبعض رواد الجديد لدينا. وربما ساعد على فاعلية تلك الوسيلة ازدياد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بآلياته الكلامية والمصورة، مما يغري كثيراً من المطلعين على تلك الحسابات، أو المعجبين بأصحابها إلى تقليدهم في ذلك.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت مقولات يتناقلها الناس عن جورجيا، هذا البلد المتحرر من ربق الشيوعية والستار الحديدي الذي فرضته سلطات الاتحاد السوفييتي سابقاً، والذي يتوافر على إمكانات طبيعية هائلة، وتنوع بيئي كبير، ولا يبعد جغرافياً كثيراً عن منطقتنا العربية. فإذا أضيف إلى ذلك عدم التشدد في فرض التأشيرات على السياحة إلى هذا البلد، وتمتعه بدرجة عالية من الأمن، حيث يعدّ –حسب بعض الإحصاءات الدولية– خامساً في الترتيب الأمني عالمياً؛ فإن ذلك يعطي هذه الدولة ميزة إضافية للجذب السياحي. وقد قمت بزيارتها هذا العام، فوجدت تجهيزاتها السياحية أقل من المتوقع بسبب حداثة تاريخها في هذا المجال، وعدم سن القوانين المنظمة للفئات المختلفة (مثل عدم فصلهم المدخنين عن غير المدخنين)؛ لكنها تملك المعطيات، التي تؤهلها لأن تكون قوة جذب كبيرة في المنطقة الواقعة بين آسيا وأوروبا، خاصة أنها بلد يخلو من التطرف والعنصرية، وفيها من مظاهر التعدد الديني والثقافي، ما يجعلها تجذب الغربيين والشرقيين على حد سواء. لكني وجدت فيها أعداداً كبيرة من العرب غير المنضبطين؛ فأتمنى ألا تصبح كثرتهم فيها، والمظاهر الفوضوية التي يتركونها في المواقع التي يزورونها، سبباً في نفور الناس منها، مثلما أصبحوا ينفرون من مناطق سالامسي في النمسا رغم جمالها الطبيعي الخلاب!.