في كل دقيقة يتوفى شخصان حول العالم بسبب الحوادث المرورية، وفي المملكة يتوفى (شخص) واحد ويصاب (4) في كل ساعة، حتى اصبح ارتفاع نسبة الحوادث من أهم التحديات التي تواجهها بلادنا، بينما نجد أن المخالف لأنظمة المرور، أو المتورط في حادث مروري قد يبقى فترة بسيطة في (التوقيف المؤقت) أو قد يدفع غرامة مالية بسبب مخالفته ثم يخرج من تلك الازمة دون أن يعي دروسا أخرى غير تلك التي وقع فيها، وهذا يدعونا الى المطالبة بمحاكاة التجارب الناجحة التي قامت بها بعض الدول المتقدمة فيما يتعلق بهذا الخصوص، فهذه الدول - عندما حاصرها الجهل المروري من كل جانب - فرضت على مرتكب بعض أنواع الحوادث والمخالفات المرورية الانضمام الى مدارس تأهيلية خاصة، ليقضي فيها سويعات تساعده على عدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى وتزوده بشيء من الثقافة المرورية كالدروس التي تتعلق بتغيير السلوك المروري الخاطئ... وأتساءل هنا: أليس من الاجدى أن تقوم شركات التأمين ووكالات السيارات في بلادنا بتبني مثل هذه المدارس من باب (الشراكة الوطنية) من أجل كبح جماح المعدلات المرتفعة من الوفيات والاصابات؟.
المعادلة المضحكة والمبكية هي أن المملكة تنفق أكثر من (21) مليار ريال على استيراد السيارات وقطع غيارها سنويا، وفي ذات الوقت تتكبد خسائر مادية بحوالي (13) مليار ريال سنويا بسبب الحوادث المرورية.. حقا إنها معادلة تحتاج الى الكثير من التأمل!.
هنا أتساءل مرة أخرى: ماذا قدمت شركات التأمين ووكالات السيارات والمصانع المتخصصة في تصنيع بعض مكونات السيارات في المملكة والتي يقدر عددها بأكثر من 250 مصنعا؟ ماذا قدمت من أجل الشراكة الوطنية وتعزيز ثقافة السلامة المرورية؟.. هل قامت بدعم بحوث أمن وسلامة المركبات كما تفعل مثيلاتها في الدول المتقدمة؟.
في نظري الأمر يتطلب وقوفا طويلا امام مصطلح (التنسيق التكاملي) من اجل تعزيز الوعي وتغيير السلوكيات المرورية الخاطئة، ومن اجل ذلك أرى أن يتم تبني (جائزة التوعية المرورية) التي من خلالها يتم تكريم وتشجيع الجهات التي تساهم في بناء شراكات وطنية فاعلة تسهم في نشر الثقافة المرورية، وكذلك جائزة سنوية أو شهرية للسائق المثالي في كل مركز من مراكز الأحياء، وقبل ذلك نبدأ بتبني (التنسيق التكاملي) وربطه بالجميع، ابتداء من البيت مع الأطفال والأمهات على أن نربط ذلك ببرامج مستدامة في المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، كما نقوم بتأسيس أندية لنشر الثقافة المرورية في مراكز الأحياء السكنية، ونقوم بإنشاء جمعيات أهلية تتناغم مع ذات الهدف وربما تكون الحاضنة لها جمعياتنا الخيرية، على أن تستمر سلسلة (التنسيق التكاملي) مع رعاية هيئة الشباب والرياضة وأئمة وخطباء المساجد والجهات الإعلامية بكل وسائلها في وقت واحد وبرسائل نمطية واحدة ومحددة تعنى بنشر الوعي والثقافة المرورية.