رغم الرحلات المكوكية الخليجية لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، لم يغب وزراء خارجية دول غربية أخرى عن خط الأزمة مع قطر، كان آخرهم وزير الخارجية الفرنسي الذي أنهى جولة في السعودية وقطر والكويت والإمارات دون أن يقطع بحل قريب للأزمة شأنه شأن كل الوسطاء الذين سبقوه.!!
في مداخلة تلفزيونية قلت إن هذه الزيارات تبحث، من جانب، عن شيء من الفهم لأبعاد الأزمة المفاجئة، وتريد، من جانب آخر، التأكيد أو الاطمئنان على مصالحها الاقتصادية والتجارية، سواء مع قطر أو مع الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب.
الخليج بالنسبة لكل دول الوساطات الغربية مخزن هائل لطاقة الغاز والنفط وهناك ما يترتب على استثماراتها الضخمة في هذا المجال، داخل المنطقة وخارجها. وهي أيضا، أي منطقة الخليج، تمتلك صناديق سيادية ضخمة وتنشط، من خلال المؤسسات ورجال الأعمال من مواطنيها، في الاستثمار المباشر في قطاعات تجارية مختلفة توظف مئات الآلاف من مواطني الدول الغربية. لذلك، من الطبيعي أن يسعى الغربيون لفهم الأزمة فهما دقيقا وأن يرسلوا وزراءهم تباعا لفك ألغازها وبناء جسور من الثقة بين الدول الأربع وقطر، فهذا في مصلحتهم قبل أن يكون في مصلحة دول المنطقة الخليجية والعربية. لكن من أجل أن تبنى جسور ثقة مع قطر، بعد كل ما جرى منها وما آذت به جميع أشقائها على مدى أكثر من عشرين سنة، فإن ذلك يتطلب الكثير من العقل وكثيرا من الجهد من القطريين قبل غيرهم.
أمريكا وكل الدول الغربية توضع الآن أمام مسؤولياتها في أن تتحمل معنا مكافحة تمويل الإرهاب واحتضان رموزه وتنظيماته، بما أن هذا الآن هو مطلبها وأولوياتها القصوى، حيث لا يمكن أن تنجح الحرب على الإرهاب دون أن تكف اليد القطرية عن دعم الإرهابيين، الذين وجدوا فيها الملاذ وما زالوا يغرفون من كرمها الزائد؛ لتغذية أجنداتهم المعادية للعالم كله وليس فقط للدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب.