العالم الفلكي والفيزيائي الإيطالي (جاليليو) الذي اخترع المرصد الفلكي والتليسكوب المطور واكتشف البقع الشمسية، حكمت عليه الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بالاعدام في عام 1611م بسبب ابحاثه العلمية التي وجدوا أنها هرطقة تتعارض مع مفاهيمهم الدينية التي تقول إن الأرض هي محور الكون وأن عدد الكواكب (7) مثل عدد أيام الأسبوع ومثل عدد فتحات رأس الإنسان، ثم عادت وخففت الحكم عليه بالحبس المنزلي المؤبد بعد أن اجبرته على التراجع عن أقواله العلمية والندم على كل أفكاره، ومصادر أخرى تشير الى انه مات في اقامته الجبرية بالحمى وأمراض القلب، ومصادر غيرها تقول انه مات في 1642م بقطع رقبته بأمر من الكنيسة، ومهما يكن الأمر، فإنه في عام 1992م بعد ان تبين للكنيسة صدق (جاليليو) أعلنت اعترافها بصحة ما جاء به واعتذرت عن حكمها السابق لينال حكما بالبراءة بعد وفاته، وفي هذا القرن الـ 21 عاد اسمه ليحلق فوق سماء أوروبا من جديد بعد أن تم اطلاق القمر الصناعي (GIOVE A) أول أقمار نظام (جاليليو) (Galileo) الأوروبي للملاحة، والقمر الصناعي الروسي المماثل الذي يحمل ذات النظام باسم (جلوناس)، ما يعني بداية السباق التكنولوجي الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، كما يعني التحرر من الهيمنة الأمريكية الفضائية الخاضعة لرقابة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وإدارة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، حيث إن نظام (جاليليو) تشارك في إدارته مجموعة من الدول الأوروبية، فالاشراف قائم من قبل فرنسا من مدينة (تولوز)، والإدارة في العاصمة البريطانية (لندن)، ومراكز التحكم موجودة في كل من (ميونخ) بألمانيا و(روما) بإيطاليا و(برشلونة) باسبانيا، هذه الانظمة الملاحية أنهت سيطرة نظام تحديد المواقع الشهير (GPS) الأمريكي (Global Positioning System) على أجواء العالم، الذي يرشد الناس على الطرق والمعمول به في السيارات والهواتف النقالة بعد تحول استخدامه من الاستخدام العسكري السري لتوجيه الصواريخ العابرة للقارات إلى الاستخدام المدني في عهد الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون).
الاتحاد الأوروبي يؤكد -اليوم- أن نظام (جاليليو) مشروع مدني، بينما البعض يرى أن هناك احتمالات بأن يلعب هذا النظام دورا حيويا في الأعمال العسكرية الأوروبية مستقبلا، وتتوقع وكالة الفضاء الأوروبية أن يصل عدد مستخدمي النظام إلى 3.6 مليار عام 2020م، كما تتوقع أن يبلغ حجم السوق العالمية لهذه الخدمات أكثر من 250 مليار يورو.
هذه الأنظمة الملاحية تعمل على إرشاد الناس على الطرق وتحسين مراقبة حركة الطيران وتخفيض الازدحام على الطرقات وتحديد مواقع السيارات المسروقة وإنقاذ التائهين، ومن الممكن استخدامها في الأمور العسكرية، وتقدر تكلفة المشروع الأوروبي بأربعة مليارات دولار فقط نفذته أوروبا في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاص، فهل تعمل الدول العربية والإسلامية على تشييد مشروع مماثل قريباً؟.. آمل ذلك!.