في أحد تصريحات وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأخيرة قال: إن تكاليف الشحن من وإلى قطر قد تضاعفت عشر مرات بعد المقاطعة، وكان يُفترض أن تعيد هذه الحسبة -إن صحت- القيادة السياسية هناك لأن تتعامل مع القضية وفق منطق الربح والخسارة، خاصة وأن الأمر لا يزال في أول الطريق، والأمور مرشحة للتصاعد إلى ما هو أسوأ على الاقتصاد القطري، لكن يبدو للأسف أن لحكومة قطر حسابات مختلفة تماما، فحسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر، فهي ترى أن ارتفاع تكاليف الشحن هذا في حسابات الحقل، بينما مشكلتها الرئيسية هي في حسابات البيدر بعد أن ورطت نفسها في تمويل هذه الفصائل الخارجة عن القانون التي تحتضنها الدوحة، والتي قد تنشر غسيل السياسات القطرية طيلة العشرين عاما الماضية فيما لو حاولت أن تفطمها أو تقطع عنها الحليب، وهو مأزق حقيقي كان من الطبيعي أن يكون هو ختام أي عمل تآمري، حيث يتحسس كل طرف رقبته بمعزل عن التفكير في الشريك الآخر، وإلا فما الذي يدفع الحكومة القطرية إلى المضي في المكابرة، والإعلان أن الرد الذي سُلِم للوسيط الكويتي مُعد سلفا، وأنها ما كانت بحاجة لفرصة الثماني والأربعين ساعة، ثم استمرارها في تحدي المقاطعة إن كانت بواكيرها قد ظهرت جلية في ارتفاع تكاليف الشحن؟، لولا أن هنالك حسابات أنكى وأخطر من حسابات الحقل، وأشد ألما وضررا من ارتفاع تكلفة الشحن منها وإليها، وهي حسابات غضب الشركاء ومن ثم فتح كافة الملفات السوداء، والكشف عن كل الأوراق السرية مما قد لا يُعرف كله من التدخلات القطرية في شؤون الدول الأخرى.
لا أحد -منطقيا- يُقامر باستقرار ورخاء شعبه مقابل الجري خلف وهم انتهاك السيادة والتي تعلم حكومة قطر أن الدول الأربع هي أحرص الناس على سيادتها وسيادة قرارها، وتخليصه من ارتهان القوى الإقليمية، وبعض الميليشيات والحركات التي حولتها إلى وكر لتناوش الآخرين وتهديد أمنهم تحت شعارات الموت لأمريكا وما إلى ذلك، ثم كيف سيمكن أن ينسجم هذا الشعار من جوار قاعدة العديد؟، لا أحد يظن أن الأشقاء هناك بهذا المستوى من الغباء لولا أن وراء الأكمة ما وراءها من التورط الذي يخشون انفضاح أمره، وهذي هي المشكلة.