لعل مرحلة التطور المادي الذي كانت تعيشه الأحساء، وقت صدور مجلة الخليج العربي على يد الأستاذ الراحل عبدالله الشباط -رحمه الله- حددت اهتمامات المجلة -في البداية- بالنواحي الاجتماعية العامة، ثم أخذت تعنى بالقضايا الأدبية، واستطاعت أن تستقطب عددًا كبيرًا من الأدباء والشعراء، من داخل الأحساء وخارجها، فمن الأحساء أ. أحمد الراشد المبارك، وأ. سعد الدريبي -رحمهما الله-، وأ. عبدالرحمن بن عثمان الملا، وأ. خليل الفزيع، وغيرهم. ومن خارجها: أ. محمد سعيد الخنزيري من القطيف، وأ. إبراهيم العريض من البحرين. وآخرون من العراق ولبنان والسودان ومصر. ونشرت فيها دراسات حول بعض الشعراء العرب، ونوقشت بعض القضايا الأدبية، كفكرة التجديد في الآداب، والأدب والحياة، وكانت ميدانًا لمعارك أدبية لم تخل من الهجوم المقنع حينًا والمكشوف حينًا آخر.
ولا شك أن الجيل الذي عاصر صدور هذه المجلة جيل نشط طموح، يريد أن يدفع الحياة الأدبية إلى الأمام، ولذلك فهو يرى في كل جهد يطرح في الساحة خطوة جديدة في سبيل نهضة كبرى للأدب والشعر، وكذلك كانت (الخليج العربي). وقد حياها أحد الشعراء بتوقيع (ابن زيدون) وهي من توقيعات أحمد الراشد المبارك في صحف البحرين آنذاك، وفيها نفسه ومعجمه الشعري؛ فلعلها له، بل أكاد أجزم بأنها له: شُقي طريقَ المجد واستبقى/ وَتَاَلَّقِيْ كَالَّنجْمِ في الغَسَق/ هذي الحياةُ مَشَتْ مواكِبُها/ وتَحَلَّقت كالنَّسْرِ في الأُفُقِ/ العقْلُ نُوْرُ العِلْمِ أيقَظَهُ/ وانجابَ لَيْلُ الجَهْلِ عَنْ شَفَقِ/ كُوني على الجِيْلِ الجَديدِ صُوى/ ودليلَه في مُلْتوَى الطُّرُق.
وبتوقف هذه الصحيفة، توقفت الصحافة داخل منطقة الأحساء، فاتجه أدباؤها للمشاركة في صحافة المنطقة الشرقية، في الخبر والظهران والدمام، فشارك أ. محمد الصويغ مع أ. عبدالله الشباط ببعض نتاجهما الأدبي في مجلة «قافلة الزيت» [صدرت في الدمام في 1/1/1374هـ]، ثم صدرت في الخبر مجلة أدبية بعنوان «الإشعاع» [في 1/1/1375هـ] فرحب بها أدباء الاحساء في أول أعدادها، وأقبل بعضهم على الكتابة فيها، وعلى رأسهم أ. عبدالله الشباط، وأ. إبراهيم آل عبدالقادر، والمطلع على أسماء مراسليها يلحظ كثرة الأسماء الأحسائية؛ مما يدل على متابعة الجمهور في الأحساء للحياة الأدبية.
ومنذ منتصف العقد الثامن الهجري من القرن الرابع عشر، بدأ الشباط مشاركاته الأدبية في صحف المملكة بشكل عام، وركَّز في مقالاته على الأدب في الخليج العربي، معنيا بالتعريف بشخصيات الأدباء، ومبرزا أهم خصائصهم الفنية، دون إيغال في الدراسة، أو تحليل عميق للشعر، أو محاولة للتقويم إلا ما قل.
كان الشباط وبقي وفيا للصحافة وللأحساء؛ عشقين متلازمين أبدا حتى لقي ربه تعالى يوم الخميس 29 شعبان 1438هـ عن ثمانين عاما، كانت ركضا في ميادين العلم والعمل والأدب والثقافة؛ حتى حاز وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير مجهوداته المثمرة لخدمة الحركة الأدبية والفكرية والثقافية والصحفية في المملكة العربية السعودية، رحمه الله وأكرمه بجنته ورضوانه.